5 ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: إنّ هذه الوظيفة الإلهية والمبدأ الإسلامي ذات مفادٍ شامل لكل أبعاد الحياة الفكرية والعملية، وتكاد تنحصر ثمارها بممارستها على صعيد الأمة بالذات، حيث لا نجد آية كريمة في القرآن الكريم لا يكون فيها خطاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مرتبطاً بالمؤمنين بوصفهم أمة واحدة وجماعة متحدة يوالي بعضهم بعضاً، كما نجد أن طبيعة الارتباط بين وحدة الأمة الإسلاميّة بما تتحلى به من ايمان وخير ورشاد وبين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو ارتباط الموصوف بصفته والمعلول بعلته، فقد جعل الله سبحانه وتعالى الأمة الإسلاميّة خير الأمم التي أخرجت للناس بوصفها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله: ?كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله...?(1)، كما أن إرادة الله سبحانه وتعالى شاءت أن تكون سنة التمكين في الأرض للأمة المؤمنة معللة لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ?الّذين إنّ مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور?(2)، وهكذا الأمر في غيرها من الآيات الكريمة وما جاء في السنة الشريفة. وللإحاطة بهذا المبدأ الإسلامي المهم ودوره الخطير في بناء وتوحيد الأمة الإسلاميّة نعرض لـه باختصار في ثلاثة جوانب أساسية: أولاً: أهلية الأمة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: فلو لم تكن الأمة مؤهلة للقيام بهذه الوظيفة الإلهية الخطيرة فإنها يتفقد أهم عامل من عوامل قوة شوكتها ودوام وحدتها، ذلك أن الإمام الباقر ـ عليه السلام ـ قال: «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلقان من