ورسوله أولئك سيرحمهم الله أن الله عزيز حكيم?(1)، وبذل الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ الكثير لشد المسلمين نحو تمثله صورة حاكيةً في جميع جوانب الحياة، سواء في بعدها الفردي أو الاجتماعي والسياسي، حتّى أصبحت السمة البارزة والميزة لهم، ولدرجات قربهم إلى الله ورسوله، وتكشف لنا الآيات القرآنية الكريمة عن هذا المبدأ الأساس وبتفصيل رائع، حيث يقول تعالى فيها: ?إنّ الّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا مالك من ولايتهم من شيء حتّى يهاجروا وان استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلاّ على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير * والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير * والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقاً لهم مغفرة ورزق كريم * والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إنّ الله بكل شيء عليم?(2). وقد جعل رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ أمر التناصر بين المسلمين معياراً لانتماء المسلم وارتباطه العضوي بالأمة الإسلاميّة وكيانها الواحد، فعن أبي عبدالله ـ عليه السلام ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ قال: «من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم، ومن يسمع رجلاً ينادي «بالمسلمين» فلم يجبه فليس بمسلم»(3). ثم جعل لدماء المسلمين حرمةً أوجب حفظها، وشرع القصاص لمن يتجاوز عليها، بل وجعل المسلمين ـ كلّ المسلمين ـ قوة واحدة متكافئة في الدفاع عن كلّ فرد ينتمي مبدئياً إليهم، فعن الصادق ـ عليه السلام ـ قال: «خطب رسول الله بمنى... إلى أن قال: