بالحج يأتوكَ رجلاً وعلى كلّ ضامرِ يأتينَ من كلّ فجِ عميقٍ ?(1) ليتداولوا شؤونهم وينظموا أمرهم، وليتشاوروا فيما يحقق وحدتهم وعزتهم، ويقيم دينهم ويديل دولتهم، ويقوي شوكتهم سياسياً واقتصادياً. كلّ ذلك يتم في أجواء شعائر الحجّ الإلهية المقدسة، وفي إطار المناخ الروحي لهذه الفريضة العبادية المشهودة، فعن هشام بن الحكم قال: «سألت أبا عبدالله ـ عليه السلام ـ فقلت لـه: ما العلّة التي من أجلها كلّف الله العباد الحجّ والطواف بالبيت ؟ فقال: إنّ الله خلق الخلق... وأمرهم بما يكون من أمر الطاعة في الدين ومصلحتهم من أمر دنياهم، فجعل فيه الاجتماع من الشرق والغرب ليتعارفوا، ولينزع كلّ قوم من التجارات من بلدٍ إلى بلد، ولينتفع بذلك المكاري والجمال، ولتعرف آثار رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وتعرف اخباره ويذكر ولا ينسى. ولو كان كلّ قوم «إنّما» يتكلمون على بلادهم وما فيها هلكوا وخربت البلاد وسقطت الجلب والإرباح، وعميت الأخبار، ولم تقفوا على ذلك، فذلك علة الحج»(2). وفي باب العلل التي ذكر الفضل بن شاذان أنّه سمعها من الإمام الرضا ـ عليه السلام ـ جاء: «فإن قال ]قائل[:فلم أمر بالحج ؟ قيل: لعله الوفادة إلى الله عزّوجلّ وطلب الزيادة..، مع ما في ذلك لجميع الخلق في المنافع في شرق الأرض وغربها... وقضاء حوائج أهل الاطراف في المواضع الممكن لهم الاجتماع فيها، مع ما فيه من التفقه ونقل أخبار الأئمة عليهم السلام إلى كلّ صقع وناحية، كما قال الله تعالى: ?فلو لا نفر من كلّ فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلّهم يحذرون?(3).. و?ليشهدوا منافع لهم...?(4)»(5).