واحدةً وانا ربك فاتقون?(1). ومن ظاهر الآيتين الكريمتين نجد أن علّة وحدة الأمة الإسلاميّة هي وحدة الرب والمعبود، وأن هذه الوحدة لا تتحقق في اطارها الاجتماعي والسياسي إلاّ إذا تجسّدت هذه العقيدة عبادةً لله، وتقوىً على هديه وشريعته التي أرادها حياةً للأمة، وتوحيداً لها في سيرها الشامل نحو الله تعالى... ونجد مخطط هذه الوحدة الشاملة لجميع جوانب حياة الأمّة وحركتها الإلهية في الجوانب التالية: 1 ـ وحدة الشعائر الإسلاميّة: كالقبلة الواحدة والصلاة والحج وغيرها.. ولهذا الجانب أثرٌ كبير في إبراز الصفة القدسية لمظهريّة وحدة الأمة من خلال الشعائر الإسلاميّة الواحدة، فالقبلة الواحدة وهي الكعبة المشرّفة بيت الله الذي أقام قواعده نبيا الله إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام بأمر الله ووحيه: ?وإذ يرفعُ إبراهيمُ القواعدَ من البيتِ وإسماعيلُ ربّنا تقبّلْ منّا إنكَ انتَ السميعُ العليمُ?(2). والقيمة الرسالية المميّزة لقبلة المسلمين هذه أنها لم تكن قبلتهم بادئ الأمر إلى أن أمر الله رسوله أن يتحول إلى الكعبة المشرفة قبلة خاصة للمسلمين، فقد روى علي بن إبراهيم بإسناده عن الصادق ـ عليه السلام ـ قال: «تحوّل القبلة إلى الكعبة بعدما صلى النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ بمكة ثلاث عشرة سنة إلى بيت المقدس وبعد مهاجرته إلى المدينة صلى إلى بيت المقدس سبعة أشهر، قال: ثم وجهه الله إلى الكعبة، وذلك أن اليهود كانوا يعيّرون رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ ويقولون لـه: أنت تابع لنا، تصلي إلى قبلتنا، فاغتمَّ رسول الله من ذلك غمّاً شديداً، وخرج في جوف الليل ينظر إلى آفاق السماء، ينتظر من الله تعالى في ذلك أمراً، فلما أصبح وحضر