الله كثيراً?(1). ومن الواضح الجلي أن التأسي برسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ يعني بمفهوم لازم وحدة التلقي والأخذ، ووحدة السلوك ووحدة الدعوة والتبليغ في واقع المسلم المتأسي، كما هو شأن الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ مع ربه عزّوجلّ حين أدبه ورباه، فقد ورد عن الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ: «إنّ الله أدب نبيه ـ صلى الله عليه وآله ـ حتّى إذا أقامه على ما أراد، قال لـه ?... وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين?(2) فلما فعل ذلك لـه رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ زكاه الله فقال: ?وإنك لعلى خلق عظيم?(3) فلما زكاه فوض إليه دينه فقال: ?وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا...?(4)»(5). وهكذا تكون أخلاق رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ العظيمة، وخصاله الكريمة باعث شوق المسلمين وحبهم لله الواحد الأحد، ورائد هديهم ورشادهم لصراطه المستقيم، وحجة تامة على صدق ما آتاهم من الدين، وعامل شدهم وتحريكهم لتولي أمرهم في تحقيق إرادة الله وإعلاء كلمته في الأرضين، وكل ذلك عوامل بناء وترسيخ لوحدة الأمة وتأسيس أرضية خلقية كاملة للأخوة بين المسلمين. وقد صدق الله في محكم كتابه إذ قال في ذلك: ?لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم?(6)، وقوله تعالى: ?فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إنّ الله يحب المتوكلين?(7).