والعلمية لمفردات الإسلام في مختلف أصوله وفروعه، ذلك لأن يد التحريف والتزوير، ومواكبة مصالح الحكام الفاسدين والسلاطين المنحرفين لم تكن قد توغلت واستقرت بعد في كثير مما وصلنا من بعدهم، وليس أدل على ذلك من معاناة أئمة المذاهب الإسلاميّة وعلى رأسهم أئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ من اضطهاد وقمع وتشريد وسجن وتعذيب وقتل، منعاً للحق من أن يظهر وتدول دولته، وللأمة من أن تعي وترشد فتتحد وتردع الباطل وتسقط سلطانه. ولن ينهض بهذا العبء الثقيل ويضطلع بهذه المسؤولية الكبرى إلاّ أهل العلم المخلصون ورجال الأمة الواعون، الّذين يدركون خطورة الأمر وأهميته، ومواطن الصحة من الفساد في المنقول ومنطق الصواب من الخطأ في المعقول، بروح إسلامية مسؤولة تأمل رضا الله، وبعقول علمية متفتحة تفحص عن الحقيقة وتنشد الحق وبأخلاقية تدعو إلى سبيل ربها بالحكمة والموعظة الحسنة. وفي دراستنا المختصرة هذه نحاول أن نسلط الضوء وبنظرة سريعة على الأسس المبدئية لأخلاقية الوحدة والأخوة بين المسلمين، لتكون مدخلاً مفهرساً لدراسة أكثر عمقاً وأوسع تفصيلاً، وكلنا أمل ورجاء أن تتحقق بذلك خطوة أساسية، ويشيد ركن ركين في مسيرة الوحدة الإسلاميّة المقدسة، والله المسدد ومنه التوفيق والرشاد. ويمكننا حصر هذه الأسس من خلال الاستقراء القرآني في ثلاثة، وهي: الأساس الأول ـ وحدة العقيدة الإسلاميّة: وهي المضمون العقائدي لشهادة «أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله». فيقول «لا إله إلاّ الله» تبدأ مسيرة التوحيد نحو الفلاح والصلاح «يا أيها الناس قولوا لا إله إلاّ الله تفلحوا»(1).