بسم الله الرحمن الرحيم مدخل: لعلّ من أبرز المسائل التي تعيش أملاً حيّاً في ضمير المسلمين، وهدفاً أكيداً في تطلعات الأمة الإسلاميّة، ورغبة ملحة لدى رجالها وقادتها المجاهدين، هي مسألة الوحدة بين المسلمين، والتقارب بين مذهبهم وفرقهم، وردم الهوة الوهمية بين اتباعها التي خلقها الجهل والهوى، وأحكمها كيد حكام الجور والفساد، وعمل على اتساعها وتكريس أمرها الكفر العالمي ومؤسساته الثقافية والإعلامية الخبيثة، حتّى استحكمت وأصبح أمرها يحتاج إلى الهمة العالية للعلماء المخلصين، والحركة الرائدة للقادة المجاهدين، والإرادة الماضية للأمة الواعية الراشدة، خصوصاً وأن المشتركات تكاد تجعل ـ وبنظرة علمية موضوعية ـ كلّ الاختلافات على الهامش فيما تحتفظ بالأصول والاركان واحدة لا تعدد فيها، متحدة لاخلاف عليها سواء كانت بمنطق صريح مباشر للثوابت والنصوص العقائدية والتشريعية أو بالملازمة العقلية والعقلائية لها. وتتأكد هذه الرؤية عند مراجعنا لتراث السلف الصالح وأطروحاتهم الحديثية