إنها أخلاق وسلوكيات لو لم يكن هناك شرع ينهى عنها أو دين يحذر من التخلق بها لكان العقل السليم، والفكر القويم واقفاً ضدها منادياً بالابتعاد عنها. الباب الثاني ـ أخلاق المجتمع المسلم: ويحتوي على فصلين: الفصل الأول ـ ما عليه سلف الأمة من الأخلاق والسلوك الفردي: ولنبدأ بسيد الأخلاق ورمز كمالها، ثم نثني بخيرة أهل القرون فيها، ولكم يطيب لي أن أذكر شيئاً عن خلق سيد أهل الكمال وما عليه من كريم الصفات، وجميل الخصال ليكن لنا القدوة المصطفاة في جميع سلوكنا الفردي والجماعي. ولأجل أن نستمد منه الإشعاع الروحي، والقبس النوري فلابد لنا من ذكر شذرات من أخلاقه النبوية العظيمة لنتزود منها بزاد طيب، وقبل ذلك كله نقول: أي شيء نذكره عن خلقه ودينه بعد قول الله عز وجل: ?وانك لعلي خلق عظيم? وقوله تعالى في رسوله الكريم: ?لقد جاءكم رسول الله من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم?(1). وقد قال ـ صلى الله عليه وآله ـ هو عن نفسه الشريفة: «أدبني ربي فأحسن تأديبي» كما قال ـ صلى الله عليه وآله ـ: «إنّما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق». وقد كان ـ صلى الله عليه وآله ـ المثل الأعلى والقدوة المثلى في الصدق والأمانة حتّى لقبه قومه بالصادق الأمين كما كان ـ صلى الله عليه وآله ـ رمزاً عظيماً في الجود والكرم فكان أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، فلرسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ أجود بالخير من الريح المرسلة وما سأله سائل قط فرده خائباً، فإن كان عنده شيء أعطاه، وأن لم يكن عنده أمره بالاقتراض، وعليه الوفاء والسداد، وكان ـ صلى الله عليه وآله ـ يقول: «أنا أولى بكل مؤمن من