ولم يقف الأمر عند ذلك بل امتد الظلم بحجمه المحرق إلى الأسر وأفرادها، فهذه المرأة من النساء تهضم حقوقها وتنتهك إنسانيتها، فتعضل عن الزواج لمجرد هوى في النفوس، وتمنع من الميراث لأنه لا يكون إلاّ لمن يحمل السلاح وينازل الأبطال في ساحات الوغى والحروب بل وتمتديد البغض والعدوان لتصل إلى الأبرياء من الفتيات والفتيان، فهؤلاء الصبيات يدفن حيات، قال الله تعالى: ?وإذا الموؤدة سئلت، بأي ذنب قتلت?(1). وما قصة سيدنا عمر بن الخطاب قبل إسلامه بغائبة عن الأذهان فقد قيل عن ابنته هذه انه كان يحفر لها ليغيبها تحت التراب، فكان التراب يتطاير عليه وهي تنفضه من لحية أبيها، حقاً أنّه موقف يثير الحزن والألم. وسوء معاملة مشركي مكة من مقاطعة لرسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وأصحابه الّذين آمنوا به ليست بعيدة عنا، ولا يخفى على أحد تلك المعاملة التي تدل على جفاف الطبع ويبسه، والتي تتجافى مع أبسط قوانين الأخلاق التي كانت تصدر من أبي جهل وعمرو بن هشام وأبي لهب وزوجته أم جميل عليهم جميعاً غضب من الله، وقد كانت أم جميل تأخذ الشوك والقمامة لترمي بها في طريق رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ إلى المسجد وبالقرب من منزله، ويأخذ النبي الكريم بيده الشريفة هذه المؤذيات ويلقيها بعيداً ولا يزيد على أن يقول ـ صلى الله عليه وآله ـ: «أي جوار هذا يا بني عبد مناف». أضف إلى ذلك ما كان من أهل الطائف (ثقيف) الّذين أغروا سفهاءهم وعبدانهم وصبيانهم فرموه بالحجارة حتّى أدموه، إلى غير ذلك من أمثال الوليد الذي يسيء المعاملة مع كتاب الله المنزل على نبيه المرسل فيمزقه وينشد قائلاً: تهدد كلّ جبار عنيد وها أنذاك جبار عنيد إذا ما جئت ربك يوم حشرٍ فقل يا رب مزقني الوليد