ويعز بها شأنها، ويهاب جانبها، ويقوى سلطانها، وتكتسب السمعة الطيبة، والثقة المطلقة في التعامل في العقود والمواثيق والعهود، وبذلك تسعد أفرادها، وتنمو مواردها، وتزدهر حياتها مما يكسب الفرد والجماعة، بل والأمة بين شعوب العالم حاضرهم وباديهم، مسلمهم وغير مسلمهم تلك الخصائص الأخلاقية من صدق وأمانة وعدل وإنصاف وجد واجتهاد وحزم وعزم وعهد ووفاء ووعد وإنجاز، وبذلك يتمتع أهل تلك الصفات برفعة فعساء فوق هامة الجوزاء، وسيكتب لهم بإذن الله حسن الأحدوثة وجميل الخلود والبقاء. الباب الأول ـ أخلاق المجتمعات قبل الإسلام: وفيه فصلان: الفصل الأول ـ حميتهم وعصبيتهم: لقد كانت المجتمعات قبل الإسلام تسودها حمية ثائرة، وعصبية هائجة تضطرب أمواجها بالفتن، وتعج بالبلايا والمحن، إذا أنها لم تكن تحتكم إلى قانون ينظم حياتها، ولم تنصع للائحة تخضع لضوابطها، فكانت حميتهم تثور لأدنى سبب من الأسباب وحروبهم تشتعل لأتفه الأمور، فرب بيت من الشعر يشعلها حرباً ضروساً يكون وقودها النساء والرجال، والشباب والأطفال، ولعلهم بذلك يطبقون قول القائل: متى تحمل القلب الزكي وصارماً وأنفاً حمياً تجتنبك المظالم فكان التعدي والتقول على الآخرين سمة مميزة لهذه المجتمعات وكان تعشقهم للظلم واستخفافهم بحقوق الآخرين ومظاهر حياتهم من أبرز صفاتهم ونجد ذلك واضحاً في قول بعضهم: فمن تكن الحضارة أعجبته فأي رجال بادية ترانا