على ضوء الحديث الذي ورد عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ «وخالق الناس بخلق حسن» يمكن للإنسان أن يقول أن التعبير بالمخالفة يفيد أن أخلاق الفرد وسلوكه قد تتحول وتتبدل من قبح إلى حسن، ومن حسن إلى قبح، يقول بعضهم: لإن كانت الدنيا انالتك ثروة فأصبحت ذا يسر وقد كنت ذا عسر لقد كشف الإثراء عنك مخازيا من اللؤم كانت تحت ستر من الفقر فالشاعر يعني بذلك تغير أخلاق الشخص الذي هجاه ويقول آخر: كتبت إليهم كتباً مراراً فلم يرجع إلي لها جواب وما أدري أغيرهم تناء وبعد الدار أم مالاً اصابوا فالأخلاق هي التي تميز مكانة الأفراد والجماعات، والأمم والشعوب، من حيث الرفع والوضع، والسمو والخفض، ومن حيث البقاء والفناء، فما سمت أمة من الأمم إلاّ بعظيم أخلاقها، وما انحطت أمة من الأمم إلاّ بذميم أخلاقها ولله در من يقول: وإنّما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا فإن ساءت أخلاق أمة أو شعب من الشعوب فقد هوى إلى منحدر سحيق، قال الشاعر: وإذا أصيب القوم من أخلاقهم فأقم عليهم مأتماً وعويلا هذا ولمكانة الأخلاق من النظر والاعتبار وعلو الشأن والأذكار فإننا نجد رسول الإسلام ـ صلى الله عليه وآله ـ يقول في حديثه الشريف: «إنّما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» ويقول ـ صلى الله عليه وآله ـ أيضاً في مقام الحمد والشكر: «الحمد لله الذي جمل خلقي وخلقي» وقد مدحه ربه في محكم تنزيله بقوله: ?وانك لعلى خلق عظيم?(1). فما من شك أو ارتياب أن الأخلاق الحميدة ترتقي بها الأمم وترتفع بها أقدارها،