عمدوا إلى تقسيم العالم الإسلامي على أساس القوميات واختلاف اللغات والأقاليم، وأثيرت الحروب بين المسلمين لأغراض لا تخدم إلاّ الاستعمار، وقد هزم المسلمون يوم تناسوا المشتركات بينهم والمصالح العامة، وتخلوا عن أسس وحدتهم وحبل اعتصامهم الذي يجمعهم ويؤلف بينهم وقدموا الانتساب إلى القومية والى الاقليم والى اللغة على الانتساب إلى الدين، على خلاف تعاليم الكتاب العزيز وسيرة الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وآله ـ. ولقد استطاع المستعمرون أن يصنعوا من الوطن الإسلامي الكبير كيانات صغيرة متعددة فاقدة لمقومات القوة والحياة والاستمرار، وحرصوا أشد الحرص على إضعافها وخلق المعضلات السياسية والاقتصادية لها لكي تبقى أسيرة الحاجة وفريسة الصراعات، ليتسنى لهم التحكم بمصائر شعوبها والسيطرة على ثرواتها ومقدراتها. العالم الإسلامي اليوم وبسبب أولئك المستعمرين بات يشكل بؤرة الفقر والفاقة وميدان الصراعات المعقدة، بينما تدار عجلة الصناعة في الغرب بوقوده وزيته، وتقوم الماكنة الاقتصادية على خيراته وكنوزه المودعة فيه. لم يعد أولئك المستعمرون اليوم بحاجة لإرسال قواتهم والمخاطرة بجيوشهم لقمع حركات التحرر، وتأديب من يفكر بالتمرد، أو يهدد مصالحهم الخاصة، فهم يمسكون بقياد الجيوش في أكثر البلاد الإسلاميّة، ويتحكمون بالدفة السياسية فيها، فعملاؤهم يكفونهم المؤونة ويؤدون المطلوب على أفضل وجه. ولسنا بحاجة إلى شواهد لإثبات ذلك وفي كلّ يوم لنا شاهد، وكل لحظة لنا دليل. عوامل أم أدوات؟ أنّ تعدد الآراء واختلاف وجهات النظر بين العلماء والمفكرين لا يشكلان حالة مرضية وإنّما هما دليل حياة، دليل قوة، دليل حركة العقل والفكر، والمؤسف أن الكثير من