وسداً منيعاً أمام كلّ مساعي الوحدة والتقارب بين المذاهب الإسلاميّة، ولأجل هذا كرس أصحاب هذه الرؤية كلّ جهودهم في مجال معالجة هذه الخلافات فراحوا يبحثون تارة عن نقاط الالتقاء وأخرى عن الطرق التي ربما توصل إلى تقريب وجهات النظر في مسائل الخلاف. ولعل بعضهم قد حقق نجاحاً ملموساً في هذا المضمار إلاّ أنّه بقي محصوراً في حدود دائرة ضيقة، ولم تحل المشكل جذرياً. والحقيقة أن الاختلافات الفكرية لا تشكل عاملاً من عوامل الافتراق بقدر ما هي أداة تستخدم في اثارة النزاعات، وقد استخدمت بالفعل وجعلت أساساً لذلك. أنّ الخلافات الفكرية بمنزلة اختلاف اللغة واختلاف القومية وأمثال ذلك، ليست في واقعها من عوامل الافتراق والنزاع، ولكنها تستغل من قبل دعاة التفرقة والتجزئة وتشكل أرضية خصبة لنشاطهم. الخلافات الفكرية قد تكون في نفسها دليل حياة ودليل قوة شرط أن تكون وليدة حالة طبيعيه وأن تبقى في حدود الدائرة الفكرية، فتعدد الآراء والنظريات من شأنه أن يثري الحركة الفكرية ويدفعها نحو التكامل والرشد. نعم هناك حالات من الخلاف الفكري تنشأ من التقليد الأعمى والتعصب البغيض، فتولد حالة القصور الفكري والجمود، وهذه بلا شك من الأمراض التي تتطلب العلاج. في الساحة الإسلاميّة هناك: نوعان من الخلاف الفكري: النوع الأول: الخلاف بين المسلمين وغيرهم ممن لا يعتنقون الدين الإسلامي من الملاحدة أو أهل الكتاب، ولا شك أن هذه الدائرة من الخلاف ليست محل كلامنا، ولكنها يمكن أن تؤخذ نموذجاً لدراسة المنهج الذي رسمه الإسلام لنا في كيفية التعامل مع الخلافات الفكرية بشكل عام، وهذا النوع بشكل خاص. ففي دائرة الخلاف مع الملحدين، لا يقطع الإسلام حبل الوصال معهم وإنّما هو