]إنّ الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم[(1). إذا عرفت هذين الأمرين: 1 ـ الرب من فوض إليه تدبير الشيء وإصلاحه وتربيته. 2 ـ أن الآيات تعلل حصر العبادة في الله بكونه ربّا. تقف على أن اتسام الخضوع والسؤال والدعاء بالعبادة من شؤون الاعتقاد بكون المخضوع له ربّاً، بيده مسير الخاضع ومصيره وأن شئت قلت بيده شأن أو شؤون من حياته الدنيوية أو الأخروية فالخضوع المقرون بهذا الاعتقاد يضفي عليه عنوان العبادة. وليعلم المراد من كون المربوب مالكاً لشأن من شؤون حياته ليس هو المالكية القانونية والوضعية التي تعطى للإنسان في حين وتسلب عنه في حين آخر، بل المراد المالكية التكوينية المستمدة من الخالقية كما في الإله الأعلى أو من تفويض الإله إلاّ على لها كما هو الحال عند آلهة المشركين ـ على زعمهم ـ فكانوا يعتقدون بأنه سبحانه فوض إليهم بعض شؤون حاتهم كغفران الذنوب والشفاعة بل يظهر مما نقله ابن هشام في سيرته أن الشرك دخل مكة في صورة الشرك في الربوبية فيما يرجع إلى الاستمطار، يقول ابن هشام: «كان عمرو بن لحي أول من أدخل الوثنية إلى مكة ونواحيها فقد رأى في سفره إلى البلقاء من أراضي الشام أناساً يعبدون الأوثان وعندما سألهم عما يفعلون قائلا: ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدونها؟ قالوا: هذه أصنام نعبدها فنستمطرها فتمطرنا ونستنصرها فتنصرنا فقال لهم: أفلا تعطوني منها فأسير به إلى أرض العرب فيعبدوه؟ وهكذا استحسن طريقتهم واستصحب معه إلى مكة صنماً كبيراً باسم «هبل» ووضعه على سطح الكعبة المشرفة ودعا الناس إلى عبادته»(2). أذن فاستمطار المطر من هذه الأوثان والاستعانة بها يكشف عن أن بعض