التعريف الثاني للعبادة: وهناك تعريف آخر يعد وجها ثانياً للتعريف الماضي فهما وجهان لعملة واحدة وهو «العبادة عبارة عن الخضوع للشيء على أنّه رب». واللغويون وإن ذكروا للرب معاني مختلفة من الخالق والمالك والصاحب والمصلح، ولكن الظاهر أن أكثر هذه المعاني من لوازم المعنى الواحد، ويمكن تصويره بأنه من فوض إليه أمر الشيء من حيث الإصلاح والتدبير والتربية، فلو أطلق الرب على الخالق فلأنه يقوم بإصلاح مخلوقه وتدبيره وتربيته، ولو أطلق على صاحب المزرعة أنّه رب الضيعة، أو على سائس القوم أنّه ربهم فلان الأول يقوم بتصليح أمور المزرعة والثاني بتدبير أمور القوم وشؤونهم وقس على ذلك سائر الأمور، فالله سبحانه رب العالمين، و]رب السماوات والأرض...[(1). ]... هو رب الشعرى[(2) فلأجل أنّه سبحانه مدبر ومدير ومتصرف في شؤونها والقائم عليها، فلو أطلق الرب على مالك الدابة فلأجل أنّه فوض إليه إصلاح المملوك. هذا من جانب ومن جانب آخر أنّه سبحانه يعلل في لفيف من الآيات حصر العبادة في الله سبحانه بكونه هو الرب دون غيره فتدل بصراحة على أن العبادة من شؤون الربوبية واليك بعض الآيات. ]وقال المسيح يا بني إسرائيل أعبدوا الله ربي وربكم...[(3). ]إنّ هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فأعبدون[(4).