الآثار إنّما هو الاختلاف في العقائد، وأما الاختلاف السائد في الأحكام العملية المدنية فهو من المفاخر والذخائر(1). وقال الأستاذ محمّد أبو زهرة: ولقد كان اختلاف الصحابة في الفروع رائدة الإخلاص، ولذا لم يكن بينهم تنازع في الفقه ولا تعصب، طلب للحقيقة وبحث عن الصواب(2). وقد صنفوا في هذا المضمار الموسوعات الكبيرة والصغيرة منذ القرن الثالث وحتى القرن الحاضر. ومن ذلك ما أفرده الشافعي في أواخر كتابه الأم من الرسائل في اختلاف الصحابة في ما بينهم: كاختلاف علي ـ عليه السلام ـ وابن مسعود، أو الاختلاف بين الفقهاء أنفسهم مثل: ما اختلف فيه أبو حنيفة وابن أبي ليلى، أو اختلاف مالك والشافعي، وكما أفرد المزني من أصحاب الشافعي كتاباً اختصر فيه الأم، مع بيان ما خالف الشافعي من المسائل، وغيرها مما ذكره أصحاب الموسوعات المختصة بتعريف المصنفات. فالأمة الإسلاميّة ـ وان اختلفت في مدارسها الفقهية والفكرية ـ لها أسس مشتركة، تستطيع من خلالها تحقيق الوحدة بين أبنائها، فالكل يؤمن بالله رباً واحداً أحداً فرداً صمداً، وبمحمد ـ صلى الله عليه وآله ـ نبياً ورسولاً، أرسله بالهدى ودين الحق إلى الناس كافة بشيراً ونذيراً، وكل ما جاء به حق، والساعة، والبعث والنشور حق، والجنة حق، والنار حق، والجزاء في الآخرة حق. ولكن ـ ومع الأسف الشديد ـ نرى اليوم مقابل هذه الدعوة دعوات كثيرة هنا وهناك من العالم الإسلامي إلى دعم الهجمة الشرسة ضد مذهب من المذاهب حمل عقيدة وفقهاً وأخلاقاً، فقه وعقيدة وأخلاق أهل بيت العصمة والنبوة الّذين قرنهم سيد الأنبياء محمّد ـ صلى الله عليه وآله ـ، وهو الصادق الأمين بالقرآن، وجعل التمسك بهم بعداً عن الضلال.