فوجدت بها أبا حنيفة وابن أبي ليلى وابن شبرمة، فسألت أبا حنيفة، فقلت: ما تقول في رجل باع بيعاً وشرط شرطاً؟ فقال: البيع باطل والشرط باطل. ثم أتيت ابن أبي ليلى فسألته، فقال: البيع جائز والشرط باطل ثم أتيت ابن شبرمة، فقال: البيع جائز والشرط جائز. فقلت: سبحان الله ثلاثة من فقهاء العراق اختلفوا على مسألة واحدة ! فأتيت أبا حنيفة فأخبرته، فقال: ما أدري ما قالا، حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: «أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ نهى عن بيع وشرط». البيع باطل، والشرط باطل. ثم أتيت ابن أبي ليلى فأخبرته، فقال: ما أدري ما قالا، حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: «أمرني رسول ـ صلى الله عليه وآله ـ أن أشتري بريرة فاعتقها». البيع جائز والشرط باطل. ثم أتيت ابن شبرمة فأخبرته، فقال: ما أدري ما قالا، حدثني مسعر بن كدام، عن محارب بن دثار، عن جابر بن عبدالله قال: «ابتعت من النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ ناقة، فاشترط لي حملانها إلى المدينة». البيع جائز، والشرط جائز(1). وهذا يعني أن الاختلاف في الفروع بحسب الأدلة القائمة على شيء إنّما هو باب من أبواب الاجتهاد، وليس من التفرق في الدين، بل كان ذلك إقامة للدين، وهو من باب التوسعة على الأمة، فإنهم لو لم يفتحوه لكان المجتهدون في ضيق، فوسع على الأمة بوجود الخلاف الفروعي منهم، فكان فتح باب للدخول في الرحمة التي أشار إليها الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ بالأثر المشهور عنه: «اختلاف أمتي رحمة»(2). وقال المعصومي: أنّ الاختلاف الشائن المستكره الذي ليس لـه في الأمة إلاّ سيئات