هذه نماذج من أقوال علماء الشيعة والسنة في مسألة علم الغيب، فهم متفقون على أن علم الغيب مختص بالله سبحانه لا يشاركه فيه أحد من خلقه، وعلم غيره تعالى بالمغيبات إنّما هو علم أفاضى منه سبحانه أما بلا واسطة وأما بواسطة، فإن جوزنا تسمية هذا بـ «علم الغيب» فالفرق بينه وبين علم الغيب لله سبحانه بالاستقلال والأصالة وعدمهما، وأن لم نجوزه، فنقول أنّه سبحانه (عالم الغيب) ولا نسمي غيره بهذا الاسم، بل نقول عالم بالمغيبات ونحو ذلك. والمخالف في هذه المسالة هم الغلاة في حق الأنبياء والأئمة وأولياء الله تعالى، وهذا آخر ما أردنا أن نبحث عنه في الخاتمة. 3 ـ الغلو والتفويض: «الغلو في اللغة بمعنى تجاوز الحدّ، ففي السعر يقال غلاء، وفي القدر والمنزلة: غلو وفي السهم غلوة، وأفعالها جميعاً: غلا يغلو»(1). ومعنى المصطلح في الشرع: هو التجاوز عن الحدّ في الأنبياء والصالحين من عباده سبحانه من الاعتقاد بالوهيتهم أو ربوبيتهم ونحو ذلك مما يختص بالله تعالى، قال سبحانه: ?يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلاّ الحق إنّما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته...?(2)، فاعتقادهم بألوهية المسيح ـ عليه السلام ـ كان غلوا في حقه، كما أن الشرك في الربوبية الشائع عند الأمم الماضية وفي عهد الرسالة كان من مصاديق الغلو في حق الهتهم. موقف أئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ في الغالين: السابر في روايات الشيعة يجد أن أئمة الهدى ـ عليهم السلام ـ بالغوا في مكافحة الغالين