خامسها: خبر الكاهن لأنه مما يخبره الجن عن مشاهدة أو سماع عن الملائكة الّذين عرفوا الكوائن المستقبلية بالوحي. ثم نقول قد نطق كثير من الأحاديث وأقوال السلف بكفر المنجم والكاهن ومن يصدقهما وذكره غير واحد من المحققين أن التكفير خاص بمن يدعي علم الغيب أو يزعم النجوم مدبرة بالاستقلال أو يزعم الجن عالمه بالغيب».(1) وقد يمنع من إطلاق العالم بالغيب على غيره سبحانه مطلقاً لما يتبادر منه إلى الأذهان العامية من الاستقلال والأصالة في ذلك، وهو من نعوت الألوهية، قال الشيخ المفيد ـ بعد الإشارة إلى أن الأئمة ـ عليهم السلام ـ كانوا يعرفون ضمائر بعض العباد والحوادث المستقبلة بتعليم الله سبحانه اياهم اكراماً لهم ولطفاً للعباد في طاعتهم وامانتهم ـ «فأما إطلاق القول عليهم بأنهم يعلمون الغيب فهو منكر بين الفساد، لأن الوصف بذلك إنّما يستحقه من علم الأشياء بنفسه لا بعلم مستفاد، وهذا لا يكون إلاّ لله عز وجل»(2). ويشهد بذلك كلام الإمام علي ـ عليه السلام ـ في جواب رجل من قبيلة كلب، حين أخبر ـ عليه السلام ـ ببعض الملاحم، فقل الرجل: لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب، فقال _ عليه السلام _ : يا أخا كلبٍ ليس هو بعلم غيب وإنّما هو تعلّّّم من ذي علم ، وإنّما علم الغيب علم الساعة وما عدده الله سبحانه بقولـه: ?أنّ الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت...?(3) فيعلم الله ما في الأرحام من ذكر أو أنثى، وقبيح أو جميل، وسخي أو بخيل، وشقي