إليه للعباد إلاّ بأعلام منه والهام أو بطريق المعجزة أو الكرامة، أو إرشاد إلى الاستدلال بالإمارات فيما يمكن فيه ذلك، ولهذا ذكر في الفتاوى أن قول القائل عند رؤية هالة القمر أي دائرته سيكون مطراً مدعياً الغيب ليس علامة، ثم اعلم أن الأنبياء لم يعلموا المغيبات من الأشياء إلاّ ما اعلمهم الله تعالى احياناً، وذكر الحنفية تصريحا بتكفير من اعتقد أن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ، يعلم الغيب لمعارضة قولـه تعالى: ?قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلاّ الله?(1) كذا في السايرة، لمصاحب النبراس تحقيق جامع في المقام نأتي به، قال: «أن للناس في مسألة الغيب كلمات غير منقحة والتحقيق أن الغيب ما غاب عن الحواس، والعلم الضروري والعلم الاستدلالي قد نطق القرآن بنفي علمه عمن سواه تعالى، فمن ادعى أنّه يعلمه كفر، ومن صدق المدعى كفر، وأما ما علم بحاسة أو ضرورة أو دليل فليس بغيب ولا كفر في دعواه. وبهذا التحقيق اندفع الأشكال في الأمور التي يزعم أنها من الغيب وليست منه لكونها مدركة بالسمع أو البصر أو الدليل: أحدها: أخبار الأنبياء لأنها مستفادة من الوحي ومن خلق العلم الضروري فيهم أو من انكشاف الكوائن على حواسهم. ثانيها: خبر الولي لأنه مستفاد من النبي أ« من رؤيا صادقة أو من إلهام الهي أو من النظر في اللوح المحفوظ وهو ثابت من أهل الكشف منعه بعض الفقهاء. ثالثها: أخبار المحاسب بالكسوف والخسوف لأنه بدلائل هندسية قطعية. رابعاً: أخبار المنجم والرمال لأن النجوم والرمل علمان استدلاليان منزلان على بعض الأنبياء ثم اندرسا وخلط الناس فيهما، فمن استدل بقاعدة نبوية أصاب في الخبر.