وعلى ضوء هذه الآيات كان الاعتقاد بعلم الغيب لملك أوجن أو إنسان أو غير ذلك شركاً في الوهيته تعالى، لأن علم الغيب من نعوت الألوهية، لكن المقصود منه العلم بالغيب على وجه الاستقلال وبالذات، لا الحصول عليه بوحي من الله سبحانه، أو الهام أو غير ذلك من الأسباب الإلهية للوقوف على الغيب، وهذا مقتضى الجمع بين الطائفة المتقدمة، وطائفة أخرى من الآيات تثبت الوقوف على الغيب لغيره سبحانه بأذنه ومشيئته قال تعالى: ?ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك...?(1). ?تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك...?(2). ?عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلاّ من ارتضى من رسول...?(3). كما أن المقصود من الآيات النافية لعلم الغيب عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ ناظرة إلى علمه به ذاتاً ومستقلاً، قال سبحانه: ?قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب..?(4). ?... ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير...? قال العلامة الطباطبائي: قولـه تعالى: ?إلاّ من ارتضى من رسول? يفيد أن الله تعالى يظهر رسله على ما شاء من الغيب المختص به، فالآية إذا انضمت إلى الآيات التي تخص علم الغيب به تعالى، أفاد ذلك معنى الأصالة والتبعية، فهو تعالى يعلم الغيب لذاته وغيره يعلمه بتعليم من الله، وبه يظهر أن ما حكى في كلامه تعالى من إنكارهم(الرسل) العلم بالغيب أريد به نفي الأصالة والاستقلال دون ما كان بوحي»(5). وقال ملا علي القاري: «وبالجملة فالعلم بالغيب أمر تفرد به سبحانه ولا سبيل