يستقل به أحد غيره، ويوجد لغيره بأذنه وثانياً. ولذلك عد تعالى نفسه أحكم الحاكمين وخيرهم لما أنّه لازم الأصالة والاستقلال والأولية، فقال: ?أليس الله بأحكم الحاكمين?(1)، وقال: ?...وهو خير الحاكمين?(2). والآيات المشتملة على نسبة الحكم إلى غيره تعالى بأذن ونحوه ـ كما ترى ـ تختص بالحكم الوضعي الاعتباري، وأما الحكم التكويني فلا يوجد فيها ـ على ما أذكر ـ ما يدل على نسبته إلى غيره من الانتساب بأذنه ونحوه، كالعلم والقدرة والحياة والخلق والرزق والأحياء وغير ذلك في آيات كثيرة لا حاجة إلى إيرادها. ولعل ذلك مراعاة لحرمة جانبه تعالى لا شعار الصفة من الاستقلال الذي لا مسوغ لنسبته إلى هذه الأسباب المتوسطة كما أن القضاء والأمر التكويني كذلك، ونظيرتها في ذلك ألفاظ البديع والبارئ والفاطر وألفاظ أخر يجري مجراها بمعان تنبئ عن نوع من الاختصاص، وإنّما كف عن استعمالها في غير مورده تعالى رعاية لحرمة ساحة الربوبية»(3). 4 ـ التوحيد في العبادة: هذا القسم من التوحيد هو العمدة في رسالة الأنبياء وأساس دعوتهم، يقول سبحانه: ?ولقد بعثنا في كلّ أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت...?(4). وقد ذكرنا سابقاً نماذج من الآيات الدالة على أن الدعوة إلى عبادة الله سبحانه ورفض عبادة غيره من الآلهة المزعومة كانت في صدر برامجهم، ومن هنا يظهر أن الانحراف في توحيد العبادة كان أكثر من غيره.