وخالقيته تعالى. والجواب عن أصل الأشكال أن يقال: إنّ للأفعال جهتين: جهة واقعيتها بما هي حركات صادرة من الإنسان، وجهة موافقتها للأحكام العقلية والشرعية فالأفعال بالقياس إلى الجهة الأولى لا تتصف إلاّ بالحسن، لأن كل شيء باعتبار أنّه فعل صدر من الله تعالى جميل وحسن، قال سبحانه: ?الذي أحسن كلّ شيء خلقه..?(1) وهذا هو الحسن التكويني الحقيقي. وأما بلحاظ الجهة الثانية فهي تنقسم إلى حسنة، وقبيحة، وهذان حسن وقبح تشريعيان اعتباريان، فما كانت منها موافقة لرضى الشارع وحكم العقل والفطرة كانت حسنة وما خالفت فهي قبيحة. وهذا الحسن والقبح منوط باختيار الإنسان الموهوب من الله سبحانه، فيستند إليه لا إلى الله تعالى، لكن باعتبار أن هناك أسباباً متعددة من الله كالعقل والفطرة والنبوة ونحو ذلك، لولاها لما وفق الإنسان لاختيار الفعل الحسن، صح إسناد الحسنات من أفعال العباد إلى الله تعالى، بل كان هو أولى من الإنسان بحسناته كما ورد في الحديث القدسي(2) قال الطباطبائي: «إنّ ظاهر قولـه تعالى: ?الله خالق كلّ شيء...?(3) يعمم الخلقة لكل شيء، ثم قولـه تعالى: ?الذي أحسن كلّ شيء خلقه...?(4) يثبت الحسن لكل ما خلقه الله ويتحصل من الآيتين أن كلّ مخلوق فهو متصف بالحسن، فالخلق والحسن متلازمان في الوجود. فكل شيء هو من جهة أنّه مخلوق لله أي بتمام واقعيته الخارجية حسن، فلو عرض لـه عارض السوء والقبح كان من جهة النسب والإضافات وأمور أخرى غير جهة واقعيته ووجوده الحقيقي الذي ينسب به إلى الله سبحانه والى فاعله المعروض لـه.