تعالى: ?...هو الله الواحد القهار?(1) فهو تعالى واحد بمعنى أنّه من الوجود بحيث لا يحد بحد حتّى يمكن فرض ثان لـه فيما وراء ذلك الحدّ، وهذا معنى قولـه تعالى: ?قل هو الله أحد?(2) فإن لفظ أحد إنّما يستعمل استعمالاً يدفع إمكان فرض العدد في قباله، يقال: ما جاء من أحد، ينفي به أن يكون قد جاء الواحد وكذا الاثنان والأكثر، فاستعمال لفظ أحد في قولـه ?...هو الله أحد? في الإثبات من غير نفي ولا تقييد أو وصف يفيد أن هويته تعالى بحيث يدفع فرض من يماثله في هويته بوجه، سواء كان واحداً أو كثيراً، فهو محال بحسب الفرض الصحيح مع قطع النظر عن حاله بحسب الخارج. ولذلك ترى أن الآيات التي تنعته بالقهارية تبدأ أولاً بنعت الوحدة، ثم تصفه بالقهارية لتدل على أن وحدته لا تدع لفارض مجالاً لأن يفرض لـه ثانياً مماثلاً بوجه، فضلاً عن أن يظهر في الوجود وينال الواقعية والثبوت، قال تعالى: ?.. أرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار?(3) وقال تعالى: ?... قل الله خالق كلّ شيء وهو الواحد القهار...?(4) وقال: ?لمن الملك اليوم لله الواحد القهار?(5) وقال: ? وما من إله إلاّ الله الواحد القهار?(6)، «فرتبة القهارية في جميع الآيات على صفة الوحدة» (7). وقال الإمام علي ـ عليه السلام ـ: «القول في أن الله واحد على أربعة أقسام: فوجهان منها لا يجوزان على الله عز وجل، ووجهان يثبتان فيه، فأما اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل: واحد يقصد به باب الأعداد، فهذا ما لا يجوز، لان مالا ثاني لـه لا يدخل في باب الأعداد، أما ترى أنّه كفر من قال: إنه ثالث ثلاثة؟ وقول القائل هو واحد من الناس يريد به النوع من الجنس فهذا ما لا يجوز لأنه تشبيه، وجل ربنا وتعالى عن ذلك.