1ـ سبب منهجي وعلته سوء تأويل فكرة التغيير باعتباره غلبة لدلالات قرآنية منطبطة بممارسة السنّة الايجابية ادرجت ظلماً ضمن النظريات التبريرية للاستبداد وليس لتحقيق المعرفة العلميّة التي هي شرط التغيير دون عنف بالضرورة. 2ـ السبب العقدي الذي يدعو إلى التمييز بين علم العمران وعلم الايمان (علم الخلق وعلم الخُلق) ذلك أن العالم التاريخي (العمران) مثل العالم الطبيعي (الفيزيائي) يشترط قوانين (اسباب) معلومة للتحكم فيه وتغيير نتائجه بتغيير اسبابها على قواعد من ايمان واجب بالمعرفة والعمل. والوسيلة الوحيدة لتحقيق هذه الغايات السامية لا تكون إلا بتوحيد الموقف من الاستبداد الامر الذي لا يحققه التوحيد الظاهري والتصالح الظرفي السطحي الذي يبقى على عمق الخلاف واساسه البنيوي، بل لابد من البحث المعرفي لابراز الحقيقة ناصعة نقية مبرأة من شوائب التاريخ وتراكمات الزيغ، وذلك لن يكون إلا بالعودة إلى الاصول والتأسيس عليها بما يكفل الإجابة على اسئلة عصرنا الحاضر واستنباط احكام تخدم مصالحنا المرسلة بما يحقق لنا الخيرية والشهادة والعودة إلى التسمية الاصلية الأساسية (أمة الإسلام) دون طائفة أو مذهب واسماء لا معنى لها ولا توافق دلالاتها فالسنة لا تعني أن الشيعة لا تؤمن بالسنة والشيعة لا تعني أن غيرهم لايحب أهل البيت ويعتقد وجوب محبتهم وأهل الرأي لا يعني أنهم ليسوا من الجماعة وهكذا…! الإسلام فطرة ولا نتصور المسلمين خارجين عن سنن الفطرة والتاريخ البشري لذا فاعادة قراءة منطوق الخلاف في سياقه التاريخي هام جداً فالفتن التي نخرت العقل المسلم لا يجب أن تعرض عرضاً عقدياً باعتباره صراعاً بين الخير والشر، والاسلام وضده أو صراعاً بين التنويريه والظلامية بمنطق العصر، بل إن الانصاف يقتضي أن نقرأ التاريخ بعين ناقدة موضوعية لا تعيدنا إلى الفتنة ولكن تجعلنا ندرك أسباب الخلاف ونتجنبه وايقاف مبدأ العصبية الذي تحول إلى جاهلية اتسعت دائرتها ليصبح عصبية عرقية ومبدأ العصبية السياسية الذي اتسع ليصبح مبدأ عصبية عقدية الامر الذي اضعف الأمة وأخر قيامها كما أراد لها الله أن تكون. خير أمة أخرجت للناس. وهذا الحال لايرتضيه أحد لها إلاّ عدوها. إن الإسلام الذي قوم انحراف الدينين المتقدمين عليه صراحة وعاد بهما إلى اصولهما الحقيقية قام كذلك باصلاح فطرة العقل الفلسفي الإنساني في الفلسفتين المتقدمتين عليه (اليونانية والفارسيّة) واعادهما إلى الموضوعيّة الفطريّة ومن هنا نفهم أن أساس الفكر الإسلامي ليس (ربوبيّاً) ثيوقراطياً والا تعذر عليه فهم ختم الوحي لاحتياجه الدائم لتوالي الانبياء أو ايجاد مؤسسة الاوصياء مثل (آباء الكنيسة ورهبان الشعب) وليس أساسه بشريّاً (انثروبوقراطياً) كما هو الشأن في الفلسفات الماديّة والا أصبح الايمان بالوحي غير قابل للفهم إذ أن شرط التفكير الانثروبوقراطي أن يكون العقل مكتفياً بتوالي العقلاء أو بمؤسسة الحكماء التي