والشرق الأوسط وآسيا وأمريكا اللاتينية. وقد صدر عن الأمم المتحدة برنامج إنمائي أوائل الستينات من القرن الماضي قصد تغيير هذا الوضع. وهو ما أوجب تقديم مساعدات التنمية التي تقوم بتقديمها الحكومات الغنية، والمؤسسات المتعددة الأطراف كالبنك الدولي، وبنك التنمية الإفريقي، وبنك التنمية الآسيوي، وبنك التنمية للدول الأمريكية، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي( ). ودول العالم الثالث، أو الدول النامية هي الدول الضعيفة الفقيرة. وأساس ظهور جوانب التخلف فيها يرجع إلى التحدي الغربي لها بما هيّأه لنفسه فيها عن طريق الاحتلال والاستعمار من استغلال وتبعية ومحاكاة. فالاستغلال هو خروج جزء كبير من الفائض الاقتصادي المتحقق من عمل أهل القطر ليذهب إلى الدول الصناعية المتقدمة من خلال التجارة غير المتكافأة، وتحويل فوائد القروض وأرباح الاستثمار الأجنبي المباشر، وأخيراً استثمارات أبناء العالم الثالث إلى خارجه. والتبعية هي قيود خارجية على حرية الإرادة الوطنية في صنع قرارتها والتأثير الإعلامي والإعلاني المكثف في تغيير القيم الحضارية وأشكال السلوك في اتجاهات كثيراً ما تضر بقضية التنمية. والمحاكاة في العالم الثالث، وكان من أول من نبه إليها ابن خلدون في مقدمته، وهي في عصرنا هذا عبارة محاولة الأخذ بأنماط الاستهلاك المبدد التي تسود في المجتمعات الغربية. وللقضاء على هذا الوضع والسير فيه تتأكد دراسة موضوعات ثلاثة على الأقل، تفتتح السُبل، وتنير الطريق للخروج من هذه الأحوال المأسوية، وهي: * التفرقة والمقارنة بين الغرب والشرق، بين الدول الغنية والدول الفقيرة. * الثورات الصناعية وأثرها في العالم. * ثورة المعلومات. والوقوف عند هذه القضايا وحدها يتطلب جهداً كبيراً ووقتاً طويلاً. ولذلك ترانا في هذا المقام مكتفين بإلماعات صغيرة توضح لنا الصورة. فقد أصبح من المقرر عند العلماء والباحثين وجمهور المفكرين أن تحولاً كبيراً حدث في العالم الغربي في بداية النهضة، وأن انتكاساً شديداً حصل في العالم العربي والإسلامي من ذلك العصر إلى الآن. فازدهر الغرب، وتقدم الفكر به، لأخذه بكل أسباب التطور والرقي، وداهمت الشرق العربي