العوائل التي هي بمثابة الحلقات الرئيسة للمجتمعات ومتاريس الدفاع عن القيم والثقافة. إن منحني غياب الاستقرار والوهن في نظام العوائل بلغ حداً من الانحدار ما جعل النظام العائلي يواجه أزمة حقيقية وجادة، وأن كثيراً من العوائل صارت بمختلف الأساليب والأنماط عرضة للإصابة. التزايد المطرد لأرقام الطلاق في مختلف نقاط العالم وخاصة الدول الغربية، الأزمات الناجمة عن الطلاق، ضعف قيم الزيجات الشرعية والقانونية وإشاعة الحياة المشتركة بين النساء والرجال بدون عقد زواج (Partnership)، وتزايد معدل أعمار المجتمعات، والترغيب غير المنطقي للمرأة على استقلالها اقتصادياً والتفرد بالتحكم في شؤونها، والولادات غير الشرعية والرسمية وبالتالي الشيوع الكبير للكآبة والاضطراب والإدمان على المخدرات ومنتوجات وسائل الإعلام الالكترونية وكذلك الانحلال الثقافي.. كل ذلك زعزع أساس العائلة المقدس وفاقم من الأزمات الاجتماعية. ليس عبطاً أن يحظى الزواج ومؤسسة العائلة بأهمية أكثر من سائر الأمور في الثقافة والقيم الإسلامية حتى صار المسلمون يولون لأمر الزواج الشرعي وتشكيل العائلة كل هذه الأهمية الفائقة، وهو السبب في تعرضهم دوماً لغزو ثقافي مستمر من قبل الإمبريالية الإعلامية والمنادين للنظام العالمي الحديث. في عام 1995 قدم المجلس الأعلى للسكان (Population Council) تقريراً عن التحول والأضرار التي أصابت العوائل في مختلف مناطق العالم.. التقرير يشير إلى تزايد حالات الطلاق بشكل ملحوظ، فقد ارتفع مؤشر الطلاق من العام 1971 ولغاية العام 1990 في غالبية الدول الأوروبية إلى الضعف، علماً أن هذه الأرقام لا تشمل حالات الانفصال غير الرسمي (غير المسجل) والتي تفوق نسبتها المئوية الرقم المذكور إلى حد كبير. أكثر من خمسين بالمائة من النساء في كثير من الدول الغربية كأميركا وأسبانيا والمكسيك لم يدخلن في عش الزوجية فيما أكثر من خمسين بالمائة من أطفال دول أميركا وشمال أوربا وأفريقيا ولدوا من أمهات عازبات لم يتزوجن بصيغة شرعية ورسمية.!! وفي كثير من الدول الغربية هناك نسبة مئوية ملحوظة من النساء يضعن حملهن الأول قبل زواجهن الأول.!! أما الاضطرابات النفسية والكآبة اللذان يمثلان مرض عصرنا الراهن فنسبة المصابين بهما من الشباب وكبار السن في غرب الكرة الأرضية هي نسبة ملفتة للانتباه بحيث أن أكثر من نصف أسرة مستشفيات أميركا مخصصة للمصابين بأمراض نفسية. نعم! الهجمات الموسعة والمتزايدة لمنظري النظام العالمي الحديث، هؤلاء المهاجمين الذين