النزعة الوطنية وخاصة الثقافية الوطنية التي هي بمثابة لب الشعب آيلة إلى الضعف والاضمحلال بشكل ملحوظ وذلك لأسباب عديدة منها هيمنة الاقتصاد العالمي وإشاعة الثقافة المتأتية من البث الالكتروني الواسعة النطاق والغزو المستمر ضد مفهوم الشعب والشعوب المستقلة تحت يافطات من قبيل القبلية والتخلف المدني. وفي معرض الرد على مثل هذه الظاهرة، عمدت الثقافة الوطنية التي تستشعر الخطر إلى إعادة بناء المجتمع الوطني من خلال إيجاد وصيانة وتعزيز الهوية الثقافية (يوشينو “Yoshin”، 1995). على هذا الأساس يمكن تبرير بروز صور كثيرة من النزعات الوطنية للثقافة والجمعيات الإقليمية ضمن مفهوم رد الفعل في مقابل أخطار الأبعاد المختلفة للعولمة. وعلى نحو العموم، تعتبر النهضات الوطنية والانتفاضات الثقافية في العقد الأخير هي بمثابة رد فعل في مقابل ثلاثة أخطار. ومن وجهة نظر رواد وقادة النهضات الوطنية الثقافية، فإن العولمة تعني: ألف: زعزعة الحكم الذاتي واستقلال أنظمة الاتصال للشعوب. ب: زعزعة العلاقات الاجتماعية وهيكلية الإنتاج والعمل. ج: جعل العوائل تواجه أزمة واتساع دائرة غياب الأمن. من جهة أخرى، تجد المجتمع المدني في عصرنا الراهن، وليد المرحلة الصناعية، تتفكك أواصره بسرعة فيما الدولة الوطنية تسير إلى الوهن يوماً بعد آخر، أما فكرة الجمعيات الثقافية التي تشكل مقاومة جديدة تظهر بصفة مصادر للهوية. إن الهوية بالنسبة للناس هي مصدر المعنى والتجربة اللذين يزيّن كيانهم.. الهوية محصلة التوصل إلى المعنى أو منح المعنى على أساس ميزة ثقافية أو مجموعة مترابطة من الميزات الثقافية تفضل على باقي مصادر المعنى، إذ تجريد الهويات الوطنية والثقافية من معناها واحد من الإفرازات المشؤومة للعولمة. إن الحركة المتسارعة والمفاجئة للمجتمعات والنزعة التجريدية للقوة في شبكة من أجهزة الحاسوب، قضت على الآليات الموجودة لممارسة الرقابة الاجتماعية والانفتاح السياسي!! وصار كثير من الناس في مختلف أرجاء المعمورة يشعرون بعد أن فقدوا هويتهم الثقافية والوطنية بالعجز والهوان جراء فقدانهم القدرة على السيطرة على حياتهم الاجتماعية. وتشير الدراسات إلى أن الفراغ الفكري والروحي قاد إلى تزايد معامل انعدام الاستقرار لدى