لقد جرى استخدام مفهوم الأم في المشروع المقترح (جامعة الأمة الإسلامية) على صورته الشاملة والموسعة، وهو يغطي كافة الجوانب الإجتماعية والسياسية والإقتصادية والرسمية. ونعني بالأمة هو تقصيها في مرحلة المجتمع ـ الدولة، وليس اعتبارها منفذاً في الشؤون الفردية والجماعية أو في المستويات المتخصصة والرفيعة لعلم الإجتماع والعلوم السياسية والإقتصاد الخاص بها. وفي ظل الظروف الراهنة التي تعيشها دول البلدان الإسلامية وتبعيتها القائمة للنظام العالمي الحالي، لا ينبغي عقد الآمال على ترحيب الجميع أو حتى غالبية الحكومات الموجودة في البلدان الإسلامية بفكرة ومقترح تأسيس جامعة الأمة الإسلامية بكونها نظاماً مستقلاً وواحداً، وذلك لأن ابتكار وتأسيس مثل هذه الجامعة يعرضان المصالح الفردية والجماعية للنخب الحاكمة إلى المخاطر، ويهددان ركائز السلطات القائمة بمواجهة تحديات. لكن تنامي ونضج مثل هذه الحركة عبر وعي وتعبئة وتنظيمات أكثر من مليار ونصف مليار مسلم في العالم قد تخطى الحدود، وجعلها تستحيل إلى حركة عالمية ممكنة التحقق، بل وضرورية في حقيقة الأمر. في هذه الظروف، تعيش الحركات والنهضات الإسلامية في غالب الأمر بمستوى وطني وقومي في حدود البلدان، وهي تفتقر لقيادة ومرشد دولي وعالمي. وفي خضم الأوضاع الراهنة فإن الحركات الشعبية على مستوى الأمة هي الوحيدة التي ستكون سبباً لانتقال السلطة وتغيير وتعديل وإصلاح المستويات العليا والحكام والحكومات، وليس العكس، لأن التجربة أثبتت في المجتمعات الإسلامية خلال بضعة القرون الماضية وبشكل جيد، أن عصرات القوة ومشاعرها كامنة في أوساط المجتمعات الإسلامية، وأن القادة المحنكين والناجحين المؤمنين بعالمية الإسلام قد هبوا من بين ظهراني المواطنين. إن النهضات الإسلامية الظافرة خلال القرن الأخير ولاسيما الثورة الإسلامية الإيرانية لهي أفضل أنموذج لهذه الحركة، حيث يمكن الإستفادة من انتقال السلطة على المستوى العالمي منم تجارب العقود القليلة الماضية. إن جامعة الأمة الإسلامية وعلى العكس من الإتحاد الإوروبي وبقية الإتحادات المماثلة الوطنية منها والإقليمية والعالمية، لا تستطيع أن تتلبس في بدايتها بمظهر الإتحادات الجمركية والمالية والإقتصادية بل وحتى السياسية الرسمية، وذلك لأن مرتكزات عالمية الإسلام والرسوخ على المستوى الدولي بالقيم والأخلاق الإسلامية، ينبغي أن تكون متسقة ومعدَّة. إن أنـموذج عالمية الأمة الإسلامية تختلف عن الأنموذج الرأسمالي الإمبــريالي وعن الليـبراليـة الـحديثـة وعن العلمانية المعاصرة،فهي تـقـف عـلى أطــراف النقيض من تلك، لأن الأزمة والصراع التـكتـيكي اللـذين يـحصلان إنّما هـما بحاجة لأنمـوذج يـقـوم بـفـرض ذلـك علـى أنموذج آخر بينما التسلط في إطار أنموذج الأمة الإسلامية محظور. الأزمة الـعـالمـية الراهنة،وفي الحقيقة الأزمة الحالية في الغرب تتمثل في أن العولمة (العالمية)