عليها، كالدين والسياسة. فعلى سبيل المثال، ما هو مدى ردود الفعل التي أوردها موضوع المجتمع الديني في الغرب على عدم جدوى ومحدودية المجتمع السياسي، مما نشهده في كتابات ونتاجات مفكرين ومنظرين من امثال اغوستين واكوينس ولوثر وكالفين وكيغارد. وطبيعي ان يكون انبثاق جامعة الأمة الإسلامية من الاسفل، أي من اوساط المواطنين والجماعات والزعماء الاسلاميين، فتتخذ لنفسها بعداً وتعبئة عالمية، ثم تكتسح ( الحكومات الإسلامية )، ذلك لإن الحكومات القائمة في الدول الإسلامية تقوم على أساس الانموذج الشعبي _ الرسمي الغربي، وتنظر بما تتصف به من مزية اللادينية ( العلمانية ) أو شبه العلمانية واللاشعبية والتفردية ( الديكتاتورية )، إلى كل لون من الوان الالتحام والاتحاد والوحدة من منظور وزاوية المصالح الوطنية والقومية والفئوية، ومن منظار الفلسفة السياسية الغربية المهيمنة في عالم اليوم والنظام الذي يسود العالم. إن ازمة الشرعية السياسية في العالم الإسلامي وبلدانه في هذا العصر ليست في التغييرات والتطورات الواردة على الانموذج الشعبي ـ الرسمي أو انموذج الحكومة الوطنية، وإنّما في اصل وجود مثل هكذا نظم سياسية والتعارض معها، وعلى وجه الاجمال فان النظام الشعبي _ الرسمي يحمل برأينا في ثناياه التناقض مع الثقافة السياسية والعالمية للإسلام، وهو العلة والنذير الاساسيان لأزمة الشرعية السياسية والرسمية في البلدان الإسلامية. لم يعد ممكناً بعد في عالم اليوم القبول التقليدي للعلاقات الدولية، أي العلاقات المتبادلة بين الحكومات ونخبة صناع القرار، على أنها تنحصر في مجرد الدراسات السياسية والإقتصادية. إن الشيء المهم في هذه البرهة الناشطة في ظاهرها بالإنفعالات الدولية والعالمية، هو عجز الدول التي يطلق عليها بأنها نامية، ومن بينها البلدان الإسلامية، في التأثر وترك البصمات على مسيرة التطورات العالمية الجارية، مما يمكن أن يعبأ به على أقل تقدير. إن مفهوم العالمية المتداول حالياً لا يتطابق مع مفهوم العمومية، فالإلمام بمعرفة أطروحتين متقاطعتين على الصعيد العالمي، يعد أمراً لا تنفك ضرورته تجاه ما ينبثق من قومية وعرقية في ظهور جديد، في مقابل حركة شمولية كاسحة، برَّزت التحرك صوب النزعة الإقليمية الذي يتشكل للوهلة الأولى في نطاق اقتصادي، يعكس صورة التقنيات والمنتجات الصناعية حديثة الظهور. إن زوال بريق السيادة الوطنية، وأفول نظام القوة المعروف بالنظام الشعبي ـ الرسمي في الوجودات الحديثة للدول الهامشية هي من بين الأبعاد المهمة لهذه الظاهرة. جامعة الأمة الإسلامية التي نقترحها هاهنا، هي الأمة الإسلامية الواحدة المؤلفة من وحدة كافة البلدان الإسلامية المتحدة، وأن جامعة الأمة الإسلامية، هي الأمة الموحدة للإسلام التي تخطت النظام الشعبي الرسمي وخلَّفته وراءها.