هذا التقليد خلال حرب الخليج »الفارسي»، وهذا الأسلوب لا يجب أن يدمغ باعتباره «ميكيافيلية» انتهازية، وذلك لأن مبادئنا المثالية ليست قوة أخلاقية محركة فحسب، ولكنها وسيلة رئيسية لخدمة مصالحنا الوطنية(1 ). ويلاحظ أن الرئيس نيكسون حرص طوال الكتاب أن يضع للسياسة الأمريكية أهدافا «مثالية» كالديمقراطية والعدالة والسلام، على الصورة «الأحادية» التي تحقق مصالح الولايات المتحدة. بعض مجالات «العولمة» تعرضنا - حتى الآن – للعولمة، وصنوها (النظام العالمي الجديد) ودوافعهما الحقيقية، ومن النقاط البارزة التي أثرناها ونرجو أن نذكر بها، حقيقة أن الظروف الدولية المعقدة في مرحلة من المراحل تجعل أمثال هذه التطورات تبدو وكأنها مصادفة، أو قدر محتوم نرى نتائجه ولا نرى (كل) دوافعه، بحيث يصبح الدور البشري هو دور «انتهاز الفرصة» كي نستعير تعبير نيكسون أو استغلال الظرف، وركوب الموجة المندفعة، وهذه الحقيقة لا تصلح لتشخيص الموقف الأوروبي – الأمريكي فحسب، ولكن يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند البحث في موقفنا كعرب ومسلمين من «العولمة» والنظام العالمي الجديد، وقدرتنا على المقاومة المباشرة لتيار دولي غلاّب؟ أو مسايرة التيار وأخذ حسناته الواضحة والتوقي من سيئاته الكثيرة؟ وكيف يمكن ذلك؟ مما سنتعرض له بعد قليل. يتحدث الغربيون عن الديمقراطية – مثلاً – ويعتبرونها شرطاً للتعامل مع الدول، غير أنهم يستخدمون مقياسين يظهر بينهما التناقض الواضح أولهما: فهمهم هم للنظام الديمقراطي السائد عندهم. والثاني اختيار النمط الذي يتفق مع سياساتهم ويخدم أغراضهم، بصرف النظر عن الظروف الخاصة للمجتمعات الإنسانية التي يتعاملون معها، مما يذكرنا بكلمة الاستعماري العتيق لورد بلفور حين وقف في مجلس العموم يثني على اللورد كرومر المندوب السامي البريطاني وسياسته في قمع المصريين ويقول عنهم «أنهم فقدوا كل حس بالنظام وأن الفوضى هي قاعدة حضارتهم»(2 )!. ويقال ذلك عن حزمة المبادئ الأخرى كالحرية والعدالة وحقوق الإنسان والمرأة. بالرغم من ظهور شقوق كثيرة في تطبيق هذه المبادئ في الولايات المتحدة نفسها وفي الغرب بصورة عامة، وإذا كان من مظاهر «العولمة انهيار السدود بين الحضارات والثقافات فعلينا أن نتوقع المزيد من العادات الغربية في القرية العالمية الصغيرة، ولدينا من ذلك بدايات لا تخطئها العين، تظهر في