اشتراكاتها المالية لسنوات طويلة، ومارست الضغط لمنع إعادة ترشيح بطرس غالي للأمانة العامة، أما اليونسكو فقد حرصت على أن تغطي هذه المؤسسة الجانب الثقافي من المخطط الأمريكي، وحين حاول مديرها العام السنغالي أحمد مختار أمبو أن يسلك طريقاً محايداً في مسألة (إسرائيل) والقدس أوقفت دفع اشتراكاتها السنوية لإحراج المدير العام، ثم عملت على إخراجه من المنظمة. وحين شعرت الولايات المتحدة أن خطة «العولمة» الأحادية تمضي في ريح رخاء دون أي معارضة جدية، أخذت تعزز هذا الانتصار في ميادين أخرى، وتمهد السبيل أمام إمبراطورية حقيقية تتفق مع سابقاتها في الأهداف وتختلف عنها في وسائل السيطرة، من ذلك المؤتمرات الدولية التي تعقد لترويج النظريات الأمريكية، حول الإرهاب، وحقوق الإنسان، ودور المرأة، والإسكان، وغيرها من القضايا، وكان أقرب المشاهد وليس آخرها – حتماً – ما يسمى قانون مكافحة التمييز الديني، الذي يعطي للولايات المتحدة – وحدها – حق تصنيف الدول وموقفها من الأقليات الدينية، ثم توقيع العقوبات عليها من خلال الأمم المتحدة والبنك الدولي وغيرها من الأجهزة الدولية العاملة معها، وكما استطاعت أن تضع حركة التحرر الوطني الفلسطيني تحت لافتة الإرهاب الدولي، فقد تنجح في وضع أي حركة للتوعية الدينية أو الانبعاث الإسلامي، تحت مظلة اضطهاد الأقليات الدينية!. وقد جاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، والتي لا يزال يحيط بها الغموض لتعطي للولايات المتحدة مبررا للعدوان على نطاق عالمي فكان احتلال أفغانستان واحتلال العراق على النحو المعروف، وهناك دلائل وبراهين كثيرة أن خطط السيطرة والتوسع الإمبراطوري لن تقف عند هذا الحد. لقد ألقى الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون في كتابة المشهور «انتهاز الفرصة» الضوء على اتجاهات السياسة الأمريكية، بل واجبها في فرض «العولمة» الغربية في مرحلة تاريخية جعلت منها الظروف القوة الدولية الوحيدة دون منافس، فبعد أن استعرض التطورات التي أدت لانهيار الإتحاد السوفياتي «كدولة» عظمى، وقيام حكومة غير شيوعية لا تستطيع أن تلعب دوراً مؤثراً في الخارج(1 ) وبعد ان استعرض – مطولاً – المجالات السياسية والاقتصادية التي يمكن للولايات المتحدة أن تؤكد فيها زعامتها المنفردة، خلص للقول »تقليديا، فإن الدول قد اختارت أن تشن الحرب تبعا لمصالحها. وليست الولايات المتحدة استثناء من هذه القاعدة، وأن كان قادتها مثل وودرو ويلسون، وفرانكلين، وروزفلت قد استطاعوا بمهارة أن يضعوا لجوءهم للحرب في نطاق المباديء المثالية للشعب الأمريكي، وإلى حد كبير حاول الرئيس بوش أن يتبع