مردودات الإتصال وجهاً لوجه. والإتصال الذي يفتقد المردودات، يتحول بطبيعة الحال إلى اتصال أحادي الإتجاه، يصعب أن نسميه اتصالاً. بينما في الإتصال وجهاً لوجه، والذي يستوعب فيه الجانبان بعضهما بكل مداركهما وتركيزهما، يحصل اتصال تام، يعد الأعمق والأكثر دواماً بالقياس إلى باقي صنوف الإتصال. من زاوية أخرى، ما يميز الإتصالات العامة عن سائر أنواع الإتصال ويمنحها الأرجحية والتفوق، هو تغطية عدد كبير من المتلقين في وقت واحد. وتوصف عامة الناس بأنها موزعة جغرافياً، وغير معروفة، ومتعددة الخصائص، ومتفاوتة السمات، وغفيرة العدد. وقد حاول هربرت بلومر في إطار جهد مميز، إستعراض التكتلات البشرية المختلفة وخصائص كل واحدة منها، بما في ذلك العامة من الناس، في جدول ذي بعدين. ويمكن ملاحظة الجدول الذي يقدمه بلومر مضافاً إليه بعض الأعمدة والأسطر، في الجدول رقم (1) من هذه الدراسة. ولأجل تحقيق الإتصال العام، هناك فضلاً عن توفر متلقّين بأعداد غفيرة، شروط وظروف أخرى وردت في الكتابات والدراسات المختلفة، ومنها: الحاجة إلى واسطة (وسيلة إعلامية) لخلق الإتصال، وتأخر المردودات، والإقتصار على عدد محدود من الحواس، والحاجة إلى أفراد، ومؤسسات اجتماعية. وكما نلاحظ بغض النظر عن كثرة المتلقّين الذين تغطيهم وسائل الإعلام العامة، تبدو سائر السمات سلبية نرضخ لها من أجل توسيع مدى اتصالنا فقط. أما في اتصال كالسياحة، فيمكن الجمع بين الجوانب الإيجابية للإتصالات الفردية والجوانب الإيجابية للإتصالات العامة، والإنتفاع من حسنات كلا النوعين. أثناء السياحة، يتم الإتصال وجهاً لوجه، وبلا وسائط، وباستخدام كافة الحواس الإنسانية. ثم أنه اتصال ثنائي الإتجاه يتيح فرصة الإلقاء وتلقي المردودات بسرعة كبيرة جداً، ولا يستلزم في الغـالب كوادر ومؤسسات اجتماعية على النحو الذي تحتاجه وسائل الإعلام. ومن ناحية أخرى، ونظراً للمساحة الضخمة التي تحتلها هذه الحالة على المستوى الدولي، والتي تجعلها في مصاف الصنـاعات الثلاثة الأولى في العـالم، لا يمكن الزعم بأن تغطية الأفراد المختلفين والكثيرين خلال زمن واحد، تقع في مرتبة تالية لوسائل الإعلام العامة الحديثة.