بالبحوث النظرية للهوية. ورغم أنه يتم في إطار الهوية الإشارة إلى أبعاد الإستحداث والتغيير لكن التأكيد على بعد الإستحداث في الهوية والمتبلور عن طريق المتغيرات الإجتماعية والظروف المتغيرة، لا يعني تجاهل العنصر الثابت والبعد الهيكلي للهوية. ثم أن النظرة العالمية للتوحيد تستلزم منا أن ننظر للعالم على أنه كل منسجم يرجع إلى مبدأ التوحيد. أي أن العالم ملتف حول محور مشترك وموحِّد لأجزائه رغم ما فيه من تكثر، أي الوحدة في نفس الوقت الذي فيه الكثرة والكثرة في نفس الوقت الذي فيه الوحدة. على أن هذه النظرة العالمية يجب أن تكون نظرة طولية للعالم مرتبة بمرتبة. ولذا من غير الممكن الدفاع عن النزعة النسبية في الحقيقة حسب النظرة التوحيدية العالمية لا من ناحية علم الوجود ولا من ناحية علم المعرفة. وبالنظر إلى العالم ككل فإنه لن يمكن التحدث عن رفض ونبذ الذات والغاية عن الإنسان. إن المبادئ الدينية لا تتواءم لا مع عدمية الوجود والمعرفة ولا مع رفض الحداثة المتطورة والعقل التفاهمي الوصولي لمفكرين مثل هابرماس الذي يذهب إلى عدم الحصول على الحقيقة أو أنها نتيجة التفاهمات بين بني البشر. وسنتناول هذه النقطة بالبحث والتفصيل في موضوع استيعاب الإسلام للعولمة. الوضع العالمي الراهن في الواقع أن معرفة الوضع الراهن للعالم في الأبعاد الثقافية والسياسية والإقتصادية على المستويات العريضة والمتوسطة والضيقة، يعد أمراً في غاية الصعوبة ويحتاج إلى مشروع مستقل. لكننا نكتفي هنا بإلقاء نظرة عامة وكلية وبما يتناسب مع أهداف ومحاور المقال. إلى أي مدى اندمج العالم في النظام الرأسمالي العالمي ؟ وهل كان هذا الإندماج في ظل الضرورات الفلسفية والنظرية للنظام الرأسمالي، على السواء في المركز والتوابع والأطراف ؟ أم أنه قد حصل في بعض الأبعاد فيما تتناغم الأبعاد الأخرى مع العولمة الحقيقية أكثر من أن تكون منسجمة مع العولمة الشائعة اصطلاحاً ؟ لا أحد يشك أن النظام الرأسمالي العالمي استطاع السيطرة على أسواق المصادر الأولية والمالية والإستثمارية والصناعية المختلفة في مختلف أنحاء العالم، وقد دللت الأرقام على صحة هذه الهيمنة الإقتصادية والإستعمار التقني. أكثر من 90 بالمائة من الإستثمار الخارجي هو من حصة عشر دول رأسمالية علماً أن حوالي ثلثي النسبة المذكورة هي من حصة أربع دول من تلك العشرة وهي أميركا وبريطانيا واليابان وألمانيا.(1 ) في عام 1989 بلغت حصة أميركا وبريطانيا واليابان وألمانيا 3ر28، 7ر16، 5ر11، 1ر9 بالمائة على