2-5: مخاطر وفرص العولمة من المستحيل الخوض في كافة صور وأبعاد المخاطر والتهديدات الناجعة عن العولمة في مقال بهذا الحجم، بيد أنه يمكن في ظل ما تمت الإشارة إليه حتى الآن، اعتبار أن أهم أخطار وتهديدات العولمة هو أطرفة العالم (أي وضع أطراف وهوامش للعالم الرأسمالي واعتباره مركزاً) سيما وأن الدول الرأسمالية الأصلية معدودة كما أن الهوة بينها باعتبارها المركز والمحور وبين الأطراف. وفضلاً عن التبعات والضرورات الإقتصادية المترتبة على هذه الأطرفة والتهميش فإنها تشتمل في الجانب الإقتصادي على الميل للإستيراد والإستهلاك وعدم التفكير بالإعتماد على النفس وتوظيف الإمكانات وترجمة الإبداعات الذاتية إن القبول بالأطرفة وإلى جانب أنه يمثل نوعاً من الإستلاب الثقافي ويمهد الطريق للتغلغل السياسي والثقافي للنظام الرأسمالي، يكون على صعيد الواقع مصاحباً لتداعي أركان الحاكمية الوطنية ونهب الثروات وإيجاد فرص الإستثمار المالي والصناعي للنظام الرأسمالي والتأثر بتقسيم العمل الدولي والقبول بدور فرعي في النظام الدولي لتقسيم العمل. على أننا نواجه تدريجياً في النظام العالمي سواءً في المركز أم فيما يرتبط بصيغة عولمة الرأسمالية، أزمة البطالة الناجمة عن التقسيم الجديد للعمل. إن النظام العالمي يسير باتجاه بحيث أن عدداً قليلاً من الأشخاص سيتمتع بأمن العمل وهم أصحاب التخصص والتكنوقراطيين وفي هذه الظروف ينخفض مؤشر أمن العمل إلى حد بعيد بالنسبة لليد العاملة المعتمدة على الجهد العضلي. وفي ظل الأطرفة، تصبح الدول التابعة هي الأرضية لتحجيم المتناقضات الذاتية للرأسمالية، أي أن الدول غير الرأسمالية لو اتسم عملها بوعي أكبر ووقفت بوجه إنتاج ونشر الأجواء الرأسمالية وتصدت لها بفعل ما تمتلكه من إمكانات ومؤهلات ذاتية لما كان النظام الرأسمالي قد نما بالشكل الذي هو عليه اليوم، إن لم نقل لما كان له وجود في عالمنا المعاصر. وحسب تعبير هاري مكداف، فإن الجانب المفصلي للعولمة-تيار التعجيل بالإستثمار المباشر من قبل دولة في دولة أخرى- بحد ذاته رد فعل في مقابل الكساد الرأسمالي.(1 ) إن القبول بالنظام الرأسمالي يعني إيجاد الأرضية لنوع من التهرب في النظام الإجتماعي، أي إيجاد نوع من الرخوة وعدم التناغم في المستويات النظرية الثقافية والسياسية والإقتصادية للمجتمعات غير الرأسمالية. وفيما يتعلق بالتبعات غير الإقتصادية للدخول في نظام العالم الرأسمالي اللاهث وراء إيجاد