كل نوع للرواية والجوهر والغاية بالنسبة للإنسان، وبالتالي فهي ستدفع النظام الرأسمالي إلى الدخول في مرحلة جديدة من النزعة الحربية. ومع إثارة العقلانية الفردية والتجريبية، تثار أيضاً الفلسفة الطبيعية والتحليلية لنيوتن التي هي خليط من الفلسفة العقلية لديكارت ونزعة المشاهدة العينية لغاليلو. وفي عبارة مقتضبة، تتلاشى مفاهيم الرب والوحي والميتافيزيقية ويصبح الإنسان محل الرب ويتصاعد تيار الحركة الإنسانية في عصر الإنفتاح الثقافي. الثورة الفرنسية التي تعد ثمرة عصر الإنفتاح الثقافي باتت تواجه بعد تجاوزها مرحلة الحماس والنشاط ردود فعل النزعة الجماعية والأشخاص المحافظين المطالبين بالعودة إلى مرحلة نعيمهم السابق. وعلى نحو التبويب، فإن بعض ردود الفعل إجتماعية فيما يعد بعضها الآخر معرفياً ونظرياً. ويراد بالقسم الإجتماعي منها إلغاء المظاهر الجمعية والثقافية للحياة الجماعية من قبل الإنفتاح الثقافي وثمرته أي الثورة الفرنسية. حينما تثار علامات الإستفهام ويشكك بالمجتمع والثقافة اللذين يمثلان أساس اتصال بني البشر وتحملان صبغة إنسانية وعاطفية، فيجب توقع ظهور نزعة التطرف في هذا المضمار، وفي الحقيقة أن ظهور ردود الفعل المتطرفة لرواد النزعة الجمعية في إطار أفكار بونالد وميستر والميل إلى بعض أفكار منتسكيو وروسو في إطار الرومانسية وكذلك ظهور النزعة الجمعية يعد رد فعل طبيعياً في مقابل إلغاء المجتمع والمظاهر الجمعية في إطار الروح الفردية للثورة الفرنسية. أما القسم النظري والمعرفي من ردود الفعل الإجتماعية فمرتبط بالجوانب العصرية وفكرة العدمية وذلك لانبثاقها من هذه الجوانب. في الحقيقة أن قتل الإنسان حسب رؤية نيتشه والعصرنة المتطورة هي نتيجة طبيعية لنفي الله في النزعة العصرية. فعندما يلغي الإنسان السند الذي يستند إليه ولا يعتقد بأي قيمة غائية فعليه أن ينتظر موته أيضاً. بعبارة أخرى، فإن عقليته الذاتية مهدمة ومحطمة. أي أن العدمية المعرفية تكون مقدمة لبروز الحرب العالمية. في الواقع أن الحرب العالمية هي نتيجة أزمة معرفية تعاني منها الرأسمالية والنزعة العصرية في الغرب، وبعبارة أخرى هي أزمة ذاتية واجتماعية للرأسمالية والنزعة العصرية. وبعد الحرب نلاحظ مرة أخرى ازدهاراً للرأسمالية والروح الفردية الليبرالية في مقابل الروح الفاشية الجماعية المتطرفة. إننا نواجه اليوم مرحلة أشبه ما تكون بمرحلة ما بعد الحرب الباردة، وفيها يطرح مفهوم انتهاء الأيديولوجية من قبل إدوارد شيلز كما هو الحال لمفهوم انتهاء التأريخ من قبل فوكوياما. في تلك المرحلة يتم التشكيك بكل مبدئية ورؤية للمدينة الفاضلة وذلك تحت يافطة أنها غير علمية وغير مجربة، لكنه اتضح مع كساد الرأسمالية في عقدي السبعينات والثمانينات أن هذا الكلام نفسه كان بمثابة نظرية. ومع انهيار الإتحاد السوفيتي وانعدام بريق