مكوناتها وأبعادها وجذورها وأسسها وماضيها وإمكانية وجودها ومتناقضاتها وإفرازاتها سواءً مخاطرها أم فرصها وعلاقتها بالعولمة الحقيقية والوضع القائم. 2-1: تعريف العولمة رغم أنه لم يتسن حتى الآن إجماع حول العولمة المصطلح أو المتداولة، لكن القدر المتيقن بشأنها قد يكفي لإدراجه كتعريف. هذا القدر المتيقن يدور حول "المسافة الزمانية والمكانية" و"التراكم الزماني والمكاني" بالإضافة إلى ضعف دور الحدود الجغرافية والأجواء الوطنية في النشاطات والعلاقات والتعاملات بين المنظمات العالمية الإقتصادية. يجب الإلتفات إلى أن الإقتصاد وبعده التجاري على نحو الخصوص يمثل المحور الرئيس في العولمة المتداولة رغم التأكيدات الخاصة بالأبعاد الثقافية والسياسية. فيما يتعلق بضعف دور الزمان والمكان في التعاملات والعلاقات الإجتماعية، يشير آنتوني غيدنز إلى مفهوم المسافة الزمانية-المكانية (time-space distantiation) ورغم أنه لا يمكن بسبب التأكيد الساري على الحكومات الوطنية الإستفادة لتقديم نظرية بشأن العولمة التي تطوي الحكومات الوطنية والأجواء القومية، إلا أنه وفر الأرضية اللازمة نظرياً ولو بشكل غير مباشر للتنظير حول العولمة. إن قصد غيدنز من طرح هذا المفهوم هو أن المسافة الزمكانية تزداد بالتدريج في ظل التحول الذي طال المجتمعات بدءاً من المجتمع القبلي وانتهاءً بالمجتمع الطبقي الصناعي. بتعبير آخر، فقدت العلاقات الشخصية المتقابلة بالتدريج دورها وحلت الحكومات الوطنية محل الوحدات التقليدية والإنسجام المنتظم محل الإنسجام الإجتماعي من النمط المتقابل. في هذه الظروف، يتخذ عاملا المكان والزمان طابع المحلة لتمارس دوراً بالغ الأهمية في تبلور الطبقات الإجتماعية. يطرح غيدنز دور المحلة في إطار تصنيف وتبويب التوزيع أو توزيع السلع (distributional groupings). هنا يمارس المكان في بلورة مكونات الثقافة الطبقية في الأحياء السكنية دوراً حيوياً. على كل حال، وبصرف النظر عن دور المحلة والحي للمكان، تضعف عموماً أهمية العلاقات الزمكانية، والأمر الذي يحصل هنا ضمن أجواء خاصة لا يكون محدوداً بنفس الشروط الزمكانية بل سينتقل في نفس الوقت وبكل سهولة إلى مكان آخر.(1 ) ديفيد هاروي يبحث في هذا المضمار تراكم الزمان والمكان، ومن ثم يرى الغلبة لعامل الزمن. في الحقيقة أن المسافات والفواصل تقع تحت تأثير عامل الزمن، ومن خلال إثارة الفضاءات