من تلك النظريات بمفردها لا يمكنها أن تبين علة ظهور الثورة الإسلامية الإيرانية، فقد كان للثورة الإيرانية جذور في النظرة الدينية، كما أن الشعب كان يتطلع إلى إحياء الدين والعودة إلى الدين الأصيل والإسلام. على هذا الأساس يمكن القول: حقق الدين في إيران بصفته أهم قوة اجتماعية، الثورة التي ظهر على أثرها أنموذج جديد للنظرية الثورية تحمل عنوان "نظرية الثورة الدينية"(1 )، حيث صارت فيما بعد مرجعاً وأنموذجاً اجتماعياً للتطورات التالية في العالم الإسلامي. إثر هذا التحول الكبير، إشتدت عملية مواجهة النزعة الدينية في العالم الغربي، وسعوا بشتى الطرق إلى عرض صورة مخيفة عن الإسلام وعن إيران حيث ظهرت آثار هذه المواجهة جلياً في إطار ما روجوا له بشأن العلاقة بالعنف والإغتيال وهي مازالت مستمرة. الأدبيات المتعلقة بالثورة الإيرانية تضمنت وإلى جانب النقد الأيديولوجي وأحياناً إطلاق أحكام مسبقة والتي تعكس وجهات نظر الماركسية والرأسمالية والوطنية ونظرية المساواة الجنسية وكذلك وجهات نظر أنصار الشاه والدول الخارجية التي كانت لها مصالح في إيران، إلى جانب ذلك؛ تضمنت وجهات نظر تؤيد تحقق الثورة الدينية الشعبية في إيران (ستات(2 )، 1980، جباري وأولسن(3 )، 1980، رضوي(4 )، 1980، كيدي(5 )، 1981، كامروا(6 )، 1980، هيرو(7 )، 1985، بهنام(8 )، 1985، آموزكار(9 )، 1991، دفرونز، 1991، إسفندياري(10 )، 1997، رينهارت(11 )، 1997). في الواقع أن الثورة الإسلامية الإيرانية طرحت أهم منهجية للتغيير الإجتماعي في تأريخ الثورات منذ القرن الثامن عشر حيث انطلقت الثورة الفرنسية وحتى نهاية القرن العشرين حيث مرحلة ظهور مسارات العولمة، وحولتها إلى سبب لظهور مسارات العودة للتقاليد والسنن في العالم. لا شك أن السياسات العريضة للعلاقات الدولية بعد الحرب الباردة والخطوات السياسية الأميركية في المنطقة تأثرت بظهور الثورة الإسلامية وتعكس علاقة القوى الكبرى بالدين وخاصة الإسلام. 3_3: إحياء مسيرة العودة للدين ينظر للدين في المذهب المادي وعلى نحو ما من قبل الشكاكين، على أنه أفيون الشعوب.. إذ يؤكد فرويد في نظريته الحضارية على أن الأديان الكبرى نمت في كنف الحضارات الكبرى وأن نمو الأديان جاء بمثابة وسيلة سياسية لجعل الشعوب حمقى. إنه يرى بأن الدين يقود إلى تحجيم البلوغ وعقلانية الإنسان. هذا النمط من الفهم للدين مرتبط إلى حد ما بتجربة الغرب مع الدين. وعلى الرغم من انتشار هذه الأفكار في العالم الغربي والتوقعات التي كانت حينذاك