تغيير جاد في هذه السياسات. أما نظرة بوليت فهي شبيهة بالنظرة الهانتينغتونية، فبدل أن يبحث في جذور الفساد وعلله الرئيسة في داخل النظام الإقتصادي والسياسي الأميركي وبدل ممارسة النقد الذاتي لفكرة النزعة الأميركية، يفكر بإيجاد تغيير في معسكر الطرف المقابل غير ملتفت إلى تبلور مجموعة معارضات جادة في داخل المجتمع الأميركي بحيث حتى لو افترضنا سكوت العالم الإسلامي فإن الناس الذين عرفوا أميركا من الداخل لن يلتزموا الصمت في مقابل النظام السياسي الأميركي. إن ما تم التطرق إليه هو تبيين للأرضيات الجديدة التي ظهرت في العالم الغربي والجذور الفكرية التي دفعت بالغرب إلى اتخاذ موقف المواجهة مع العالم الإسلامي. هذه الجذور الفكرية التي تقود إلى الحصر الإجتماعي ضد من يفترض أنه "آخر" ولا يدخل ضمن دائرة المصالح، كانت السبب الرئيس لضغوط الغرب بشكل عام وأميركا بشكل خاص على العالم الإسلامي. وبالنظر إلى التبيين الكلي لـ"الجذور" و"العولمات المتكاثرة" المتوافرة في العالم، فإننا سنبحث على نحو الإجمال ثلاثة انعكاسات رئيسة للعولمة على الأجواء الدينية. 3ـ العولمة، العلمانية، الحركات الدينية وإحياء النزعة الدينية ينبغي الإلتفات إلى أن أهم دور للعولمة في مقابل الدين، وخاصة الأديان الكبيرة، إتساع نطاق الإتصالات والعلاقات الدولية للأديان (هانز، 2002:21). وكما أكد ديفيد هيلد وزملاؤه (1999:332)، فإن العلاقات والإتصالات الدينية اقتصرت في الماضي عن طريق المندوبين الدينيين لكنه ومع ظهور صناعة الإتصالات العالمية أصبحت هذه الإتصالات تحصل عن طريق العلاقات الفردية والمنظماتية في أجواء مجازية. وهذا النوع من الإتصالات لا تقيده حدود زمانية أو جغرافية أو سياسية. على سبيل المثال؛ فإن تزويد الأنترنت بنداء لمرة واحدة يكفي للحصول على هذا النداء من مختلف أنحاء العالم بصرف النظر عن الهوية والجنسية والدين والعرق، كما أن الإتصالات في آن واحد عبر الهاتف والفاكس والإنترنت مع بث البرامج الدينية عبر موجات الإذاعة والتلفزيون العالمية وفّر ظروفاً جديدة تماماً من شأنها أن تحدث تحولاً في عملية إيصال النداءات والتأثير الذي يتركه الدين لدى مخاطبيه. وبإلقاء نظرة عامة للعولمة سواءً بصفتها محصلة كانت جذورها هي السبب في تنمية الإتصالات العالمية واستحقاقاتها أم بصفتها مسار ما وراء الاستعمار الرامي إلى "هيمنة عالمية" و"التضييق" و"عدم المساواة اجتماعياً"، يمكن تمييز ثلاثة أصداء مهمة في الدائرة الدينية هي نشر العلمانية وتأسيس المعارضة الدينية للسلطة العالمية وكذلك إحياء مسيرة العودة للدين، حيث سيجري البحث فيها على نحو الإختصار.