الأفضل هو أميركا بالأساس وأن على باقي العالم إما أن يخنع للاستعمار الجديد أو أن يواجهه. وهذه النظرة تعرِّف "المرجع الجديد للعالم"(1 ) بأنه أنموذج حضاري وثقافي، وأن "العالم المرجع" هو نفسه النظام الليبرالي الديمقراطي الأميركي. بالطبع فإن نظرة هانتينغتون نظرة مرة ومتطرفة ومقززة حيث يرى حافة الحضارات ملطخة بالدماء وبما يجعله يبرر الصورة العنيفة للغرب، أما نظرة فوكوياما فهي نظرة تفاؤلية وهادئة حيث يرى حركة التغيير في أجواء سلمية مبرراً بذلك صورة الغرب ذات الطابع السلمي. لكن كلتا النظرتين تعتبر أن مسيرة التغيير مآلها حاكمية وسيادة أميركا والنظام الليبرالي الديمقراطي. وحسب وجهة نظر هانتينغتون فإن حادث الحادي عشر من أيلول هو معلول التضاد الجوهري بين الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية للغرب.. فعلى عكس بومن الذي اعتبر أن جذور التضاد تعود إلى الإجحاف الأميركي بحق شعوب العالم، يرى هانتينغتون بأن سبب هذا الإصطدام النداءات الموجودة في الفكر الديني وحضارة المسلمين. وبعبارة أخرى فإن هانتينغتون لا يحمل أميركا أو المسؤولين عن حادث الحادي عشر من أيلول مسؤولية هذه الوقائع العنيفة بل يرى أن المعارف الفكرية لهاتين الحضارتين يقفان أمام بعضهما موقف التحدي. الظاهر أن كلام بومن موزون إلى حد كبير، ذلك أنه لو صحت القاعدة القائلة بأن التضاد في الرسالات هو السبب في التضاد بين الجانبين لكان من الضروري حصـول مثـل هـذا التضاد في دول مثل كندا والنرويج والسويد. إن المواقف التي أفصح عنها جورج بوش بعد حادث 11 أيلول وما اعتبره من أنهـا حرب صليبية جديدة، هي ترجمة ميدانية لنظرية هانتينغتون. وبعبارة أخرى فإن نظرية إما أن تكون معنا أو أن تكون ضدنا، هي أيضاً تمثل الصيغة المشددة والمعنفة لكلام فوكوياما. إن كلام بوش يعتبر إعلاناً لتأريخ جديد على أساس سيادة أميركا على كل العالم، ولهذا تسمى هذه المجموعة من النظريات بالنظريات المؤيدة لسيادة أميركا. بعض المحققين الذي يصنفون ضمن حلقة هانتينغتون وفوكوياما، إعتبروا أن المستهدف الأول هو الإسلام. فالبروفيسور ريتشارد بوليت(2 ) (2001) أستاذ التأريخ بجامعة كولومبيا تجاوز الحدود في وصفه حيث يذهب إلى أن أميركا لم تغير في سياساتها الخارجية منذ حادث احتجاز الرهائن في إيران عام 1981 حيث تم سجن (444) دبلوماسي أميركي، ولغاية حادث 11 أيلول الذي قاد إلى مقتل الآلاف، مشيراً إلى أنها لم تلتفت في الظاهر إلى عمق الحادث. إنه يرى بأن المشكلة الأساسية في سياسات الإسلام ويجب تكريس جهودنا لتغيير هذه السياسات. إنه يقول بضرورة اللجوء إلى تجارب العلوم الإنسانية على مدى مئات من السنين حتى يقبلنا الإسلام والمسلمون ويرافقوننا، وبدل الجلوس حول طاولة المفاوضات بين إسرائيل وفلسطين يجب متابعة مشروع