إن معارضة العولمة الأميركية المحور قد تحولت إلى مسيرة عامة على المستوى العالمي، وهذه الحركة "التصدي للعولمة" التي تعتقد بأن العولمة منهج تسيِّره إدارة ذات طابع سلطوي، تشهد انتشاراً واتساعاً كبيراً. وتناول كرين وكريفت(1 ) (2002) في مقال تحت عنوان "العولمة الإستياء الناجم عنها في الشؤون الدولية"، بالبحث معرفة أشكال الحركات المعارضة للعولمة سيما بعد الحادي عشر من أيلول. وبحسب هذين الإثنين فإن حادث الحادي عشر وإفرازاته ضاعف وشدد من مسيرة المعارضة لعولمة النظام الرأسمالي عموماً والتسلط الأميركي على نحو الخصوص. لقد ناقش كرين وكريفت هذا الأمر بكل بساطة في ثلاثة مستويات؛ الأول يتعلق بأصحاب "الرؤية الحكومية" الذين يعملون على تعزيز موقع الحكومة في نظام الحكومة_ الأمة مرة أخرى. الثاني تعريف من يتحدث عن جماهيرية الناس وفكرة هؤلاء هو نوع من انعكاس لنمط تنمية "الصغير جميل" وهم يفضلون أن لا يصبح عالمياً كي يبقى جميلاً، وحسب وجهة نظر هذه المجموعة فإن الكبر أساس الفساد وعدم المساواة ولذا يفضلون النماذج والحالات المحلية على التنمية العالمية. المستوى الثالث فيختص بالإصلاحيين الراغبين بتحسن الوضع القائم للمؤسسات وإعادة النظر في حالات عدم المساواة الإجتماعية وعدم تلبية الشركات المتعددة الجنسيات وقضية تعديل السياسات الإقتصادية على أساس الظروف الوطنية. ويمكن عدّ المجموعتين الأولى والثانية من بين الرافضين للعولمة فيما يمكن اعتبار المجموعة الثالثة أنها إصلاحية تؤمن بإعادة البناء والترميم. بعد الحادي عشر من أيلول، لو عاد الوضع إلى الوضع الأمني السائد أيام الحرب الباردة، فسيبرز للسطح نوع من الحصر الإقتصادي والإجتماعي للقوى التابعة يصحبه تفاقم غياب العدالة، هذا فضلاً عن السياسات التي ظهرت بعد التأريخ المذكور إتسمت بالميزات الإستعمارية التي عرفت في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، لذا تلاحظ فيها أساليب سلطوية مشحونة بالظلم. مثل هذه السلطة صارت سبباً في إيجاد ونمو مشاعر الاصطدام بين العالم الإسلامي والغرب بل وحتى "تشديد حالة المواجهة بين الغرب والغرب". من هنا كان من المناسب بحث أبعاد الحادي عشر من أيلول كظاهرة فاقمت بين التناقضات الذاتية داخل الحضارة من جهة وبين حضارتي الغرب والعالم الإسلامي.