إن موضوع الصورة المخيفة للإسلام خضع للدراسة المكثفة من قبل المحققين (عاملي، 1997، وهاليدي(1 )، 1999، ميرالي وشجره(2 )، 2002)، وقد تم أعداد تقارير مدعومة بوثائق أكيدة بهذا الشأن وذلك من قبل جهات كثيرة في مقدمتها "المؤسسة الإسلامية لحقوق الإنسان"(3 ). فمثلاً، ذهبوا وكالعادة ضمن أسلوب تقليدي إلى القول بأن المسلمين يتصفون بروح متحجرة وخشنة وهم دعاة للحرب وغير عقلائيين (ورنبر، 2002) وضد حقوق الإنسان أملاً في زرع الخوف في نفوس الناس إزاء الإسلام والمسلمين. انعكاس هذه الصورة عن الإسلام والمسلمين لم يقتصر على وسائل الإعلام بل مارسته حتى الحكومات الغربية (كور(4 )، 2002) وقد أدى ذلك بالمجموع إلى حرمان المسلمين من حق المواطنة (إسكينر(5 )، 2002، ووربنر(6 )، 2002) في الدول الغربية وترسيخ روح المواجهة مع المسلمين في الرأي العام الغربي. وبلغ التصعيد في رسم هذه الصورة المخيفة عن المسلمين خلال العقدين الأخيرين حداً أثار عطف الآخرين ودفع بمجموعة من اليهود وبالتعاون مع الحكومة البريطانية إلى إيجاد مؤسسة "راني ميد تروست"(7) تقوم في ظاهر الأمر بدعم المسلمين ومتابعة حالات التمييز الإجتماعية والصور الخاطئة المثارة عن المسلمين، قانونياً (تقرير مؤسسة راني ميد تروست، 1997). واستناداً للتحقيقات الكثيرة التي أجريت، فإن أحد أهم عوامل شحن الرأي العام في أميركا وأوروبا ضد المسلمين هو الدور الذي مارسته أبواق الدعاية والإعلام الغربية التي أوحت دوماً بأن المسلمين هم السبب في انعدام النظام وشيوع العنف والإرهاب وهم يتسمون بتعاط متزمت مع الأمور، وشجعت الناس بشكل وبآخر على الحرب ضد المسلمين (بادي(7 )، 2001، ربتي وتبي(8 )، 2001). في الحقيقة أن حادث الحادي عشر من أيلول كان بمثابة "مفتاح اللغز" لكافة المفاهيم المصطنعة ضد المسلمين ونوع من تداعي المفاهيم وتبديل الشك إلى يقين في الرأي العام الغربي مفاده هو أن المسلمين هم بحق مظهر للعنف والشر. صورة العنف المرسومة عن المسلمين سوغت شن الحرب ضدهم من جهة، ومن جهة أخرى أوجدت من الناحية الثقافية نوعاً من الحدود القيمية بين عالم الإسلام وعالم المسيحية. ومن جهة ثالثة، مارس رسم الصورة المخيفة عن الإسلام دوراً في أمرين على الصعيد العملي؛ الأول هو الحؤول دون اتساع رقعة اعتناق الإسلام الحنيف في الغرب، والثاني انهيار المسلمين من الداخل. وفي الواقع أن هذا النوع من الدعايات والإعلام يعد نمطاً من الحرب النفسية ضد المسلمين.