ونحلة. ولكن هذا الهدف الأسمى، والغاية العظمى قد نافستها في أرضنا غايات متواضعة تحولت بها الأمة إلى أمم.. فلقد زاحمت هذه الغاية غايات دنيوية هزيلة، وذلك بعد أن قسمت بلاد المسلمين إلى دويلات صغيرة وقام في كل إقليم حاكم غايته في الغالب الأعم أن يرقى بشعبه في سلم الماديات والحياة.. ونسى الهدف الأسمى للأمة، والغاية العظمى التي خرجت من أجلها..(كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر، وتؤمنون بالله..) (آل عمران: 110).. وباختصار.. لقد ضاع منا الهدف كأمة لها رسالة وغاية في الوجود، وعلاج هذه المشكلة والتحدي الكبير الذي يواجه امتنا الإسلامية هو أن نعود من جديد إلى أول الطريق، والى الصراط المستقيم، ونمسك مرة ثانية بطرف الحبل، حبل الله المتين، فنوجه الأفراد الوجهة التي خلقهم الله من أجلها، وتعلم الأمة الغاية التي أخرجهم الله لها.. لتكون خير أمة أخرجت للناس.. ثانياً: التفرق والخلاف التحدي الثاني الذي يواجه مجتمعنا وأمتنا هو التفرق والاختلاف.. وذلك لضياع الهدف أولاً ـ كما ذكرنا ـ ثم لضياع حقيقة الدين، أو بالأحرى الاختلاف على حقيقة الدين الذي يريده الله منا، ونعني بحقيقة الدين، نموذجه الأسمى، وصورته الصحيحة.. لقد وقع بين المسلمين خلاف يفرقهم إلى مسلم وكافر، وموحد ومشرك، ومتبع ومبتدع، وسني وشيعي، والى غير ذلك الثنائيات العقيمة. وحقيقة الشريعة كذلك.. أضحى فيها خلاف بين المسلمين، ليس في فرعيات بعينها فقط، بل أيضاً وفي الأصول التي يرجع إليها عند الاختلاف.. ومناهج التربية أيضاً امتدت إليها الاختلاف والتفرق، فنجد التربية التي تدعو إلى الانزواء عن مقارعة الباطل، ونجد التربية الحزبية الضيقة، التي جعلت كل مجموعة من المسلمين امة برأسها، وحزباً منفرداً يوالي أهل حزبه وجماعته فقط، ويعادي ما دون ذلك، ولا يرى حقاً إلا مع نفسه وجماعته، ونشأت التربية الوطنية أو الإقليمية الضيقة، فعمقت الاختلاف والتفرق، وزرعت الفتنة والبغضاء.. ولقد جاوزت التربية الإقليمية والوطنية التحزب للوطن كجزء من الأمة الإسلامية إلى الاعتزاز بماضي هذه الأوطان قبل الإسلام.. فمجدت لذلك الجاهلية الفرعونية، والآشورية، والبابلية،