مجالات تأثير ظاهرة العولمة بغية التبحر في معرفة هذا المعنى، سنعمد إلى دراسة مجالات تأثير هذه الظاهرة الجديدة: ألف: المجال الثقافي إن اتساع نطاق تقنية الإتصالات العالمية والدولية اليوم أدى إلى أن تحل الأمور المؤثرة والسياسة الثقافية على الصعد العالمية محل السياسات الثقافية الوطنية بحيث نرى أن أكثر من ملياري نسمة في السنة يقومون بسفرات خارج بلدانهم بكل سهولة وبتكلفة زهيدة، كما انتشر حوالي مليار خط هاتفي بين الأشخاص والدول فضلاً عن وجود ملياري جهاز راديو في العالم تلتقط الأمواج من مكان بعيد وأكثر من مليار وخمسمائة مليون جهاز تلفاز غالبيتها قادر على التقاط قنوات البث من أي منطقة من العالم وبثها للمشاهدين. ثم أن الإستفادة من الإنترنت سجلت نمواً بمقدار أربع إلى خمس مرات في مدة قصيرة حيث ارتفع عدد المستخدمين له من 61 مليون شخص إلى 320 مليون نسمة (Phillips, 2000, p. 13). أما اليوم فهناك 500 مليون نسمة من المستفيدين من شبكة الإنترنت العالمية قادرين على الإتصال بأية نقطة من العالم والوقوف على آخر الأخبار والتقارير والتحاليل الإجتماعية _ السياسية أو الجلوس لمشاهدة الأفلام من المصدر الذي يريده المشاهد، و.. كل ذلك ما كان ليتم لولا الوسائل والإمكانات التقنية المعاصرة التي استطاعت إنتاج الأعمال الثقافية في كل قسم من العالم وعرضها في كل نقطة وسوق استهلاكية على أرض المعمورة. إن السرعة المتزايدة في اتساع شبكة المعلوماتية العالمية بلغت حداً قد يؤدي إلى اختفاء الأسواق المحلية لإنتاج وعرض وبيع الكتب والمجلات والصحف ويفسح المجال للنتاجات الثقافية الديجيتالية لتحل محل الورق والقلم والمدوّنات. إن بإمكان النتاجات الثقافية ضمن قاعدة التقنية الديجيتالية العالمية أن تتولد في كل منطقة من العالم بحيث يمكن إدارتها ونشرها أيضاً لكافة مناطق الكرة الأرضية. لا شك أن تقنية الثقافة الديجيتالية التي حملت الإنتاج إلى المستهلك أينما كان على وجه البسيطة عبر أمواج الرادارات، ستكون قادرة على تحقيق الثقافة العالمية الموحدة. فلو كانت المناهج الكلامية التقليدية الشائعة على عهد أفلاطون وأرسطو بصيغة الخطابة والمنبر والمستندة إلى العقل والإستدلال تقنع المخاطب وترفده من خلال الحوار