الإنتاج التي تقع بيدها. بيد أن التقنية الحديثة استطاعت أن تهشم قيود التبعية الثقيلة للمكائن والآلة وتتحول إلى هيكلية أكثر سهولة ومرونة ونفوذاً وتحركاً. إن هذه التقنية تمتلك مساحة عالمية شاسعة لا تعرف معنى للحدود الجغرافية وبإمكانها أن تتخطى بسهولة وبكافة أبعادها الحدود والعقبات الجغرافية والوطنية وأن تلقي بظلالها على كل منطقة من الكرة الأرضية. إن هذا التطور يعد بحق انقلاباً جديداً في التقنية والإبداع يعني ؛ التقنية الديجيتالية والتقنية الخفيفة لا الآلية. هذه التقنية قادرة على تحويل المناطق المتعددة إلى منطقة واحدة وبناء عالم موحد تحت حاكمية واحدة وتبديل الدوائر الحكومية المتعددة إلى دائرة واحدة ولذا فإن العلامة الفارقة لهذه التقنية هي شموليتها وتخطيها للحدود. والآن من المناسب طرح سؤال أساسي هو ؛ هل أن هذا الإنقلاب في التقنية سيقود بالضرورة إلى انقلاب في الأيديولوجية، أم لا ؟ وبتعبير آخر ؛ هل يجب أن نبقى بانتظار تغيير أساس في الأيديولوجية المعاصرة للرأسمالية، أم لا ؟ وكذلك هذا السؤال ؛ ما هي الأيديولوجية العالمية الموائمة للتقنية العالمية ؟ للإجابة على هذين السؤالين لا بد أولاً من المزيد من تبيين الخصائص الميدانية والمجالات المؤثرة لهذه التقنية العالمية، ثم نثبّت أن من مقتضيات التقنية الحديثة الشاملة هو انتهاك أساس الحقوق الرئيسة للنظام الرأسمالي الليبرالي أي حق الملكية الخاصة، أو القول بعدم إمكانية قبول التملك الخاص بالنسبة للمنتوجات التكنولوجية. وانطلاقاً من "علم السنخية"، يجب التأكيد على أن عولمة التقنية ليست بمعنى تدويلها وكذلك ليست بمعنى غربنتها أو أمركتها. إنّما المتبادر إلى الذهن من هذا المفهوم هو أن مؤشر ومساحة نفوذ هذه التقنية الحديثة قد تجاوزت مساحة الإنعكاسات المحلية والوطنية والإقليمية وانتشرت في كافة أرجاء المعمورة. إن المستثمرين وأصحاب هذه التقنية العالمية يستخدمون دوماً اصطلاحات هي عبارة عن: "الكرة الأرضية، وسيارة الأرض، والعولمة"، والحكومة العالمية والقضايا العالمية و.. وكل هذا التكرار لهذه المصطلحات قد تم في العقد الأخير في حين لم يكن في الماضي وإلى حد قريب على وجه التحديد أي حديث عن الكرة الأرضية و.. وفي المحاورة الإجتماعية والإنسانية كان ينبذ كل ما هو (غير ميكانيكي). بالتالي فإن العولمة أكبر قصص القرن العشرين، والتي أوجدت آفاقاً عالمية لتعديلات خالية من الإندكاكات، وظهور مقرات إبداعية وغير منتهية، وإحراز تقدم لا يقف عند نقطة معينة، أو عند حد معين للجميع عن طريق قوة السوق العالمية. (Drache, 1999, p.5).