جعلته مطمع الدول الكبرى ومجال صراعاتها وهدف سيطرتها. وهذا أول التحديات التي واجهت وستواجه عالمنا الإسلامي خلال القرن الحادي والعشرين. ثانيها: قوله تعالى: (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل..) (الروم: 42).. إن دعوة السير في الأرض، التي حث عليها القرآن تنبؤنا بأنه قد يكون الحاضر نتيجة لمقدمه في الماضي، وقد يكون لنتيجة لا تظهر إلاّ في المستقبل، قد يكون المطلوب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، في مجال الدراسات الإنسانية التي بلغت عند غيرنا شأوا بعيداً، أن نتوجه صوب فقه القصص القرآني، بالقدر الذي توجهنا به إلى آيات الأحكام، لنكتشف فقهاً حضارياً في إطار علوم الإنسان، والقوانين الاجتماعية. ثالثها: مهما كانت التحديات فإن مواثيق الله سبحانه وتعالى وما وعد به الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم من أن تسليط الأعداء على الأمة الإسلامية ليس تسليط استئصال، وإن أصابتهم للمسلمين وإضرارهم بهم، ما هو إلا أذى، وليس إنهاء لهم، لأنهم أمة الرسالة الخالدة الخاتمة، والشواهد التاريخية دليل على ذلك، فالأمة المسلمة تمرض وتضعف، لكنها تستعصي على الموت الذي لحق بالكثير من الحضارات السابقة لها واللاحقة عليها. رابعها: إن الأمة المسلمة لا تجتمع على الخطأ والضلالة، فلا تزال عصمة الأمة بعمومها قائمة ومستمرة، حتى يرث الله الأرض ومن عليها. خامسها: رغم مظاهر الضعف البادية وكثافة التحديات وتعقد المشكلات إلا أن هناك طائفة من الأمة الإسلامية لا تزال قائمة على الحق تحرسه، وتحول دون الانحراف عنه، وتضمن سلامة التواصل الثقافي بين الأجيال، لا يضرها من خالفها حتى يوم الدين، والتي تشكل النواة دائماً للنهوض والإمكان الحضاري. سادسها: أن الإمساك بالإيمان واق من آثار الهزيمة، وما تورثه من الوهن والحزن، وداع إلى الاستعلاء وعدم السقوط، والمعاودة للشهود الحضاري بعد الانحسار والتراجع. إن هذا البحث ليس إلا إضافة متواضعة للأبحاث والدراسات التي سبقته في تناول الأزمة الحضارية والتحديات التي تعيشها اليوم أمتنا الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها، ولعلي أشير إلى العدد الكبير من الدراسات والأبحاث التي ظهرت في غضون السنوات القليلة الماضية في ساحة الفكر الإسلامي، وقد شعرت من خلال مطالعتي لتلك الأعمال القيمة أنها على تفاوت بينها ـ قد أولت موضوع (التحديات التي تواجه عالمنا الإسلامي في قرن الألفية الثالثة) اهتماماً خاصاً، لذلك