بالنسبة للكثير من البلدان. وحسب تحليله تلعب التقنية دوراً رئيساً في خلق هذه الازمة. لقد شددت التقنية الحديثة التركيز الزماني والمكاني، فجعلت العالم الخارجي صغيراً. اضف إلى ذلك انها ذات نزعة جامحة نحو طبع الامور بطابع شخصي، بمعنى انها تمنح امكانات سخيةً في قالب جهاز واحد لأي شخص، ما يكسب معارضة الفرد للحكومة معناها. إلى جانب هاتين السمتين، تساعد التقنية على تنميط مستهلكيها، وتوفير الفرص للجميع، وبالتالي اهداء الاستقلال للفرد حيال القوى السياسية الحاكمة1 . معنى كل هذه الامور هو ان مواطني الدول الإسلامية ينفصلون بسهولة عن دولهم، وباستطاعتهم رغم عيشهم في ارض إسلامية، ان يتبعوا مبادىء وآراء وعقائد أخرى، ويتعاونوا معها (لا مع حكوماتهم الوطنية) داخل شبكة عالمية. وبكلمة ثانية، ستنخفض سيادة الدولة في السيطرة المشروعة على المواطنين بدرجة كبيرة، ولن يعود لها معناً تقليدياً وستفالياً. على هذا الاساس، تنهار الفواصل بين “الأنا و“الآخر والتي تسوغ العديد من الدول الإسلامية نفسها على اساسها، وتتقاذفها انواع التشكيكات والمُسائلات. “لن يكون الآخرون هناك، كلنا سنكون هنا 2 عولج هذا النوع من الاخطار بنحو مفصل وتوثيقي من قبل باحثي حقل الاعلام، لاسيما المختصين بوسائل الاعلام الحديثة. على هذا الصعيد يقدم (فرهنگ رجائي) بحثاً عن العولمة يربطه بآراء المفكر المسلم ابن خلدون، ليخلص إلى ان: العولمة انتهت إلى “ابداع تأسيسي، ذلك انها ترسم صورة جديدة تماماً للعالم تتغير فيها كافة المواقع والعلاقات. ويقرر لهذا الابداع التأسيسي ثلاثة اركان رئيسية. الركن الثالث منها هو “وسائل الاعلام الحديثة ممثلة بالانترنت (إلى جانب حادثتي رحيل الامام الخميني *(رض) وانهيار الاتحاد السوفيتي بوصفها الركنين الأول والثاني)3 . بمراجعة للاحصاءات العالمية يتضح ان القدرات الاعلامية للبلدان المسلمة ليست في وضع مناسب إذا قورنت بما لدى البلدان المنافسة، وهذا من شأنه تهديد العالم الإسلامي من قبل اصحاب الاعلام أو الاتصالات المتفوقة. تشير دراسات (جفري سكس) من جامعة هارفارد إلى ان العالم الإسلامي يستطيع في أحسن الظروف ان يكون مستهلكاً جيداً للنتاجات الاعلامية، وهو غير قادر اساساً على دخول حقل انتاج وتوجيه الرأي العام. يستخدم سكس معيارين هما: 1ـ عدد براءات الاختراع لكل مليون نسمة من سكان البلاد. 2ـ نصيب صادرات التقنية المتطورة من GDP، ليقسم بذلك العالم إلى ثلاثة مناطق رئيسية: