الإسلامية، وثانياً يكوِّن في البلدان المسلمة انماطاً جديدة من الوعي، غير الوعي الديني المساهم في التأسيس لشرعية الحكومة الإسلامية واستمرارها. انها انماط من الوعي نظير الوعي القومي، والطائفي، والعنصري و… الخ، تنال من الاقتدار السياسي، وتنتهي بتجزئة البلدان الإسلامية في ضوء وصفات غير دينية (كالقومية، أو العنصرية، أو … الخ)1 . وعلى هذا فالعولمة خطر حقيقي للكثير من الدول، خصوصاً الدول الايديولوجية الإسلامية. “تد روبرت غار (Ted Robert Gurr) و“ديفيد ليتل (David Little) و“جينس غروس ستين (Janice Gross Stein) من الباحثين اللامعين في هذا المجال، سلطوا الاضواء على الابعاد الاثنية والقومية والدينية لهذه الظاهرة الجديدة. تشير نتائج الابحاث التي قام بها (غار) إلى ان الوعي القومي كان العامل الأول في الصراعات الانفصالية التي شهدتها الاعوام الاخيرة من القرن العشرين2 . في السياق نفسه، تكهن ليتل وستين بأن تكون المشاعر الدينية ومشكلات الهوية أبرز عوامل نشوب النزاعات على المستوى الوطني في السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين3 . بالتدبر في العوامل الثلاثة المذكورة، يتبين أن لها علاقة وثيقة بالتعاليم العقائديةـ الايديولوجية، وهذا ما يؤازر فكرة محمد ايوب حول تهديد العولمة للبنى السياسية في البلدان المسلمة خلال الاعوام المقبلة، ما يصنفها ضمن خانة الاخطار الحقيقية التي تحدق بهذه البلدان. هذا الدور لوسائل الاعلام الحديثة، عالجه “جون ب. تومبسون في “وسائل الاعلام والحداثة وتحت عنوان “احياء نظرية الامبريالية الثقافية. يعتقد تومبسون ان وسائل الاعلام بوصفها شبكة عالمية حيوية في العصر المقبل، ستتصرف في التقاليد، وستفضي إلى عمليات تخريبية منها موجات هجرة واسعة واحادية الاتجاه، وتوسيع البون بين الحكومات والشعوب، وتوفير مجالات عمل ونشاط بمعزل عن سطوة الحكومات، وتأسيس نوع جديد من الأخلاق السياسية، وهذا كله من شأنه تسهيل انهيار العديد من الانظمة السياسية غير المتسقة مع روح الليبرالية الديمقراطية4 . كما ان دراسة حالات معينة من البلدان الإسلامية ذات التعارض الماهوي مع الليبرالية الديمقراطية، تؤيد هذه الفكرة، وتشير بأن الحكومات الإسلامية معرضة لاخطار جدية من داخل مجتمعاتها لها جذورها في الخارج، وتغذى وتدعم من قبل مصادر اعلامية. نشير على سبيل المثال إلى دراسة حالة خاصة هي جمهورية إيران الإسلامية، والتي أنجزها مركز البحوث الاستراتيجية في رئاسة الجمهورية، وفيها ان الارتباط بوسائل الاعلام الاجنبية وتلقي المفاهيم منها، غيّر مكانة وترتيب القيم المحورية للمجتمع في العقد الثاني، ونقل الاصول الإسلامية والاخلاق الدينية من المرتبة الأولى في العقد الأول، إلى المرتبة الثالثة في العقد الثاني. النقطة الجديرة بالذكر هي ان القسم الاعظم من هذا التحول وليد التأثيرات التي تتركها