واحد منها ان يعمل على ضعضعة البنية الداخلية للعالم الإسلامي. ونظراً لكثرة هذه الاخطار، سوف نسلط الاضواء على المحاور العامة لها. 1ـ التفكيك على المستوى الوطني على أثر معاهدة "وستفاليا"، تم تعريف بنية النظام العالمي بالشكل الوطني المشتمل على اربعة عناصر هي “السيادة الوطنية و“الحدود الوطنية و“الاعراف والثقافة الوطنية و“السكان، وهي عناصر لم تكن مألوفة بشكل واضح في اطار الخطاب الإسلامي المرتكز إلى مفهوم محوري هو “الأمة الإسلامية يتشكل على أساس عنصر "العقيدة المشتركة" فيكتسب بنية عالمية تتخطى القوميات والوطنيات. وقد تجلى هذا الخطاب في ازمنة سالفة على شكل امبراطورية. مع ذلك، فإن تطور الرؤية الوطنية وما حظيت به من ترحيب عام، اسفر عن تجزئة الامبراطورية الإسلامية بفعل تغلغل فكرة “القومية فاعيدت صياغتها على شكل وحدات وطنية إسلامية1 . وتعد هذه الحقبة من المراحل الحساسة المأزومة في الفكر السياسي الإسلامي، وقد طرحت فيها أساليب التوفيق بين المصالح الدينية والمصالح الوطنية كاشكالية على جانب كبير من الخطورة والاهمية2 . بيد ان الايديولوجيا الإسلامية نجحت في تخطي شراك الاستعمار الاوربي، لتجرب الاستقلال الوطني، ثم لنشهد بعد ذلك وحدات وطنية، اسهم الإسلام بنحو أو بآخر في حياتها السياسية والحكومية. استغرق الامر زهاء 300 عام كي تجد هذه البنية الجديدة (البنية الوطنية) مكانتها المحلية في اصقاع العالم الإسلامي. هذا في حين شهدت تلك الفترة تطورات جديدة نقدت وحاربت اسس البنية الوطنية، مطلقةً نوعاً من التفكيك أو الضعضعة على المسرح العالمي لا ثمرة له سوى التأزم وعدم الاستقرار لكثير من اللاعبين السياسيين الذين تعودوا لتوّهم على البنية الوطنية. يستشف ان “فعل العولمة بتجاهله لاصول البنية الوطنية، قد انهى فترة استقرار الدول الإسلامية ضمن اطار البنية الوطنية، فكما حلت هذه الفترة بصورة قسرية، راحت تتغير وتجرجر ذيولها بصورة قسرية أيضاً. من النماذج البارزة لهذه الاخطار البنيوية التي تهدد بلدان العالم الإسلامي، يمكن الاشارة إلى: 1ـ1: انهيار صيغة الدولة ـ الشعب يعتبر محمد أيوب في دراسة له بعنوان “صناعة الدولة، وانهيارها، وهزيمتها أن العولمة هي السبب الرئيس لتضعيف السيادات الوطنية في البلدان الإسلامية، ويقول: شياع الافكار العالمية المتأثر بالتعاليم العلمانية، يؤدي اولاً إلى تحديات تزعزع الدعائم الايديولوجية للحكومات