الجمهورية لمجابهة البلدان المسلمة1 . في وثيقة أخرى نشرها البيت الابيض في كانون الأول 2000م، جاء ما يلي: "للولايات المتحدة مصالح كثيرة من وراء مساعيها الرامية لاحلال السلام العادل الشامل المستمر في الشرق الاوسط. ينبغي ان يتم هذا السلام بالشكل الذي يؤمّن امن اسرائيل واستقرارها… ويديم تمتع العالم بمصادر الطاقة الحيوية المهمة"2 . وهكذا يتضح ان العالم الإسلامي هو المستهدف الأول لسياسات الغرب الثقافية ضمن مشروع العولمة. وهذا يقودنا إلىحقيقة ان الجوهر الثقافي للعولمة حسب القراءة الامريكية هو تهديد الثقافة الإسلامية بصفة جدية. والخلاصة هي ان العولمة اوجدت على المستوى الامني تحولاً اساسياً هو طبع المناخ الامني بطابع ثقافي. وقد أسفر هذا التحول عن اعادة تعريف الأمن، وإلى تقديم اطار ثقافي للموازنات الامنية على حد تعبير "ريتشارد اولمان" (Richard Ulman)3 . وفي هذا السياق تتغير معاني "العدو" و"المنافس"، لتنتقل من "المعارضة السياسية أو الاقتصادية" التي كانت معياراً في حقبة الحرب الباردة، إلى "المعارضة الثقافية". هذا التغيير في الرؤية ادّى بالليبرالية الديمقراطية إلى اعتبار الإسلام عدوها ومنافسها الأول، فيكون العالم الإسلامي هو العقبة الرئيسة التي تواجه الليبرالية الديمقراطية في الظروف الجديدة. وعلى هذا، فكما اشار "بيتر كاتزنشتاين" (Peter J.Katzenstein) في "ثقافة الأمن القومي" استوجبت العولمة ولادة أعداء جدد للقوى العظمى في انحاء العالم، أعداء ثقافيين حلوا محل الأعداء العسكريين والاقتصاديين والسياسيين السابقين، ويمكن تحديدهم وتعريفهم ضمن اجواء المعادلات الثقافية4 . "نحن نزعم ان المناخ الامني الذي تعمل فيه الدول، هو ثقافي اكثر منه مادي صرف"5 معنى هذا الكلام ان العولمة طبقاً للقراءة الامريكية ستؤدي نهايةً إلى صراع ثقافي، وستضع العالم الإسلامي تبعاً لذلك حيال تحديات ثقافية حقيقية تخلقها له الثقافة الغربية. ومن الطبيعي في نطاق هذه التحديات، وبسبب عدم تكافؤ الامكانات والتقنيات، ان يكون العالم الإسلامي عرضة للهجمات اكثر منه مهاجِماً. ثانياً: الأخطار الفوقية ناهيك عن التحديات الثقافية التي تهدد أساس الحضارة الإسلامية على يد ايديولوجيا الليبرالية الديمقراطية، وتعمل تالياً على تضعيف الماهية والهوية الواحدة للعالم الإسلامي، بالامكان التنويه إلى طيف متنوع من المخاطر السياسية والاجتماعية والاقتصادية يمكن لكل